يقتضي أن لا يدخل المخاطب بالتنفيذ بالجملة حتى قال (وهو يدل على إنه لم يكن إمام منصوص عليه، وإلا لأقبل بالخطاب عليه، وخصه بالأمر بالتنفيذ دون الجميع) ثم ذكر إن الرسول (ص) إنما يأمر بما يتعلق بمصالح الدنيا من الحروب عن اجتهاده، ولا يجب أن يكون ذلك عن وحي مثل الأحكام الشرعية، واجتهاده يجوز إن يخالف بعد وفاته، فتخلف أبي بكر وعدم تنفيذه الجيش بعد النبي (ص) لا عصيان فيه، ثم إن أمر الرسول عن اجتهاده لا بد وأن يكون منوطا بالمصلحة، وأن لا يعرض ما أهم منه فإذا وجدوا إن تنفيذ الجيش يعقب ضررا في الدين لهم أن لا يمتثلوه (انتهى.
والجواب عن ذلك كله يعلم من سالف كلماتنا من مقدمات الدليل العقلي، ونزيده هنا إن عدم امتثال أبي بكر لهذا الأمر لا يمكن إن ينكر في حال حياة النبي (ص)، بل وبعد مفارقته الدنيا، أما في حال الحياة فلأنه أراد تنفيذ الجيش فهو واجب، ولا يتم هذا الواجب إلا بمسير أبي بكر إذ هو من الجيش فهو واجب، والرواية المعروفة إنه أقبل عليه في المسجد، وقال (ص): نفذوا جيش أسامة، وهو من جملة الجيش، فلا بد أن يكون أمرا له بالخروج، واستثنائه من الجيش يحتاج إلى دليل وليس في كلامه ما يقتضي بالاستثناء.
ومقالة الخصم إنه من خطاب الأئمة وإن المخاطب خارج لبعد شموله لنفسه، لا محصل لها بعد أمره بتنفيذ أمره في مسير الجيش، وكان أبو بكر منصوصا عليه بالمسير مع أسامة، وخيال إن الجيش ليس مثل العشرة التي لا تتحقق بنقصان واحد منها إذ هو اسم لجماعة من الناس
صفحه ۳۶