المشاهدين، فالاعتماد حينئذ على الآثار في معرفة المرجع وترك التنصيص عليه من الله تعالى ونبيه (ص) لا يكاد يجري على القاعدة على إن طريقة العقلاء جارية بأن المطلب المهم المراد إتقانه وإحكامه يلزمه صاحبه إن يحكمه بجميع أنواع الإحكامات، ولا يعتمد على سبب لا كلية فيه، وقد يتخلف عن حصول المقصود كما هو واضح.
وثانيا: إن الآثار الظاهرة من العلم والعمل تصلح أن تكون طريقا إلى الأمور المستقبلة دون الماضية، وقد سبق في المقدمة الأولى إن من اللازم أن يكون الإمام عالما بجميع الأحكام ماضيها ومضارعها إلى يوم التناد فلا يمكن إن يتأتى للأمة معرفة مثل هذا الشخص بمشاهدة الآثار الكاشفة، بل من الأمور الممتنعة إن تحيط العقول بشخص عنده علم ما كان وما يكون من الأحكام والحوادث اللاحقة والسالفة من دون نص علام الغيوب عليه، كلا بل تختص معرفته بذاته المقدسة، وعليه بيان ذلك للعباد بما يعرفهم به غيره مما اختص علمه به، ودعوى إمكان تمييز الأمة لمثل هذا الشخص بآرائهم القاصرة وعقولهم الفاسدة من بين المخلوقين لا يلتفت إليها ولا يعول عليها لظهور فسادها.
وثالثا: إن الأمة بعد فرض عدم النص من الله تعالى على الإمام يمكنهم عدم إطاعة من عينوه للإمامة لأن وجوب الرجوع في الأحكام لا يلازم وجوب الإطاعة في الأمور الدنيوية والسياسات، ومن هنا وجب الرجوع إلى العلماء في زمن الغيبة في الأحكام فقط دون الأمور الدنيوية، ولا كذلك الإمام المنصوص عليه إذ هو مما تجب إطاعته مطلقا في الأحكام وغيرها، فإنه أولى بالناس من أنفسهم.
صفحه ۲۶