لا يعملون إلا بما سمعوه أو علموه من حضرت الرسالة، والحوادث الواقعة لا يفتون بها ولا يحكمون إلا بعد مراجعة النبي (ص)، وما هم إلا كنواب المجتهد في هذا الزمان بتبليغ الأحكام إلى المقلدين، فإن ما يحدث من الوقائع وما لم يسمعوه من المجتهد ولم يروه في زبره ورسائله لا يفتون الناس به بالاجتهاد أبدا بل يتوقفون من الإفتاء حتى يراجعوه، وإبداء هذا الاحتمال يكفي في نهوض الدليل العقلي على إثبات مدعانا بتقرير إن الكتاب والسنة صرحا ببقاء الأحكام الإلهية إلى منتهى الأبد، والتغير والتبديل الاجتهادي ينافي الأمر بالبقاء المذكور وإن كان في الجزئيات من الحوادث، والتحفظ عنها حادثة موقوفة على حافظ معين فإذا لم يثبت العمل بالاجتهاد في الجزئيات في زمن الحضور مطلقا، بل هي محتاجة إلى السماع ثبت وجوب وجود الحافظ ليرجع إليه فيها، والقول بثبوت ذلك يلزمه التصرف والتأويل لما قضى بتأبيد الأحكام مطلقا، والتأويل خلاف الظاهر بل يحتاج إلى الدليل، فالحكم العقلي بحاله على وجوب تعيين الحافظ بلا شبهة.
وثانيا: إنا لو سلمنا إمكان الاجتهاد في الجزئيات في حق الرسول (ص) وسفرائه وتنزلنا مع الخصم فحكمنا بوقوعه فغاية الأمر إن وقوع ذلك كان في عصر النبي وهو موجود بين أظهرهم، وأما بعد فقده فلا، إلا بوجود حافظ لأن المماثلة بين العصرين تقتضي وجود المعصوم في كل عصر وإلا يلتزم أن لا تساوي بين بقاء الشريعة وحدوثها وهو باطل.
وبعبارة أخرى إن تغيير الأحكام بسبب الاجتهاد مع عدم وجود الإمام يزيد على التغيير مع وجوده كثيرا، ومقتضى دوام الشريعة وبقائها
صفحه ۲۰