شمالك أمامك خلفك حتى أصل إلى مكة أو كما قال ومنه أبو عثمان سعيد بن خلفون الحساني المعروف بالمستجاب وأصله من قرية حسان من قرى طرابلس كان زاهدا فاضلا منقطعا إلى الله سبحانه وظهرت بركته غاية فعرف بالمستجاب وقد قال الشيخ أبو عبد الله الخشاب القاضي رحمه الله خرجت مع أبي الحسن ابن النمر من طرابلس لزيارة الفقيه ابن أبي زيد رحمه الله تعالى وسماع العلم عليه فبينما نحن عنده يوما إذ تحدث أبو الحسن فقال أراد الشيخ أبو عثمان الحساني الحج مرة فاتفق مع جماعة من إخوانه أهل الدين والفضل وكنت معهم فخرجنا على الوحدة فقطعنا صدرا من الطريق وأقمنا ثلاثة لم نطعم فأنى الشيخ أبو عثمان إلى ربوة فمسح بوجهها بيده وجعل يأخذ من ترابها ويجعل في إناء كان معه ثم ثراه بشيء من ماء فقرأ عليه أو سمى وقال لنا سموا وكلوا قال فجعلنا نأكل ونتطعم منه طعم السويق قال فطرق الشيخ أبو محمد بن أبي زيد ساعة ثم رفع رأسه وقال هذا داخل في الإمكان لا سيما وقد ذكرتم أنكم أقمتم ثلاثا لم تطعموا وقرأ قوله تعالى : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ).
ولما رجع المؤدب محرز بن خلف من الحج قيل له من رأيت في طريقك من الصالحين قال رأيت بطرابلس رجلا وامرأة فأما الرجل فأبو عثمان الحساني وأما المرأة فسمدونة وكانت عجوزا صالحة تسكن مسجد الشعاب المذكور وكان أبو نزار حطاب الرجل الصالح المذكور يزورها ويعتقد بركتها وهذا كما يحكى أن سحنون بن سعيد لما رجع من الحج قيل له من رأيت من الصالحين فقال لقد رأيت بطرابلس رجالا ما الفضيل بن عياض بأفضل منهم.
ومنهم أبو الحسن علي بن أحمد الخطيب الطرابلسي أقام ساكنا بمسجد المجاز بها فيما يقال أربعين سنة وكان فقيها صالحا عالما زاهدا وله في الفقه والفرائض والشروط
صفحه ۲۰۲