173

الوهن والجبن فقالوا هذا والله منها ليس بجبن وإنما حملنا على ما رأيتم ما أتوا به مما لا طاقة لنا به من البنبة يضربون بها ولا تقع على شيء كائن من كان إلا وهدمته ودكته والمسلمون في هذه الليالي كلها لا ينامون بل يحرسون على البحر ويطوفون حوله ونحن وركبنا معهم في ذلك مستهلون بالشهادة رافعون أصواتنا بالتبكير وملعنون بالصلاة على البشير النذير عليه أفضل الصلوات وأزكى التحيات من الملك القدير وعلى آله وصحابته ذوي المنهاج الواضح المنير فلما كان بعد صلاة العشاء ليلة السبت ضربت الكفرة دمرهم الله بمدافعهم فرأينا من ذلك ما لم نره قط ولا سمعنا به ترى البارود حين يخرج من بخش المدفع فإذا بكرة محماة تحكي الشهب خرجت منه صعدت ثم يرمون بأخرى وترتفع أكثر من الأولى ثم تتدلى هابطة فإذا وقعت بالأرض سمع لها صوت هائل تصمنه الأذان فتصدع في الموضع الذي وقعت فيه وتتفرق ولا تقع على بناء إلا هدمته ولا على بسيط مستو إلا وحفرته ولا على علية أو أسطوانة إلا وهدمتها ولا على شجرة إلا وأحرقتها أو قلعتها فتمكث في أعماق الأرض سويعة فتتكسر فيسمع لها صوت هائل أعظم من الأول ونحن في ذلك كله رافعو الأكف بالذلة والافتقار والخضوع والتضرع إلى الله تعالى الليل كله ولا نكتحل بنوم قط وما خرج مدفع من مدافعهم إلا وظننا أنه يقع علينا فتارة تقع حذاءنا وتارة تمر علينا وأكثر ما تقع بالمدينة أو البحر أو قرب المدينة خارجا وفي بعض الليالي وهي من الليالي الهائلة أخذوا في الضرب الليل كله إلى الصباح بل إلى الضحى لا يفترون عنه ساعة وضربوا فيما أخبرني به بعض فقهاء البلد بأزيد من تسعمائة كرة فلما رأينا هو لهم العظيم ومعنا النساء والصبيان وفيهن الحوامل خشينا عليهن أن يقذفن ما في أرحامهن مما يعاين فتحولنا لبعض البساتين المسورة فنزل الركب بها وأدخلنا حريمنا لبعض الديار ثم امسكوا عن الضرب إلى أن صلينا العشاء فضربوا أيضا دفعة واحدة فهاجت عليهم أرياح عاصفة وأفسدت كراهم

صفحه ۱۹۰