الوهن والجبن فقالوا هذا والله منها ليس بجبن وإنما حملنا على ما رأيتم ما أتوا به مما لا طاقة لنا به من البنبة يضربون بها ولا تقع على شيء كائن من كان إلا وهدمته ودكته والمسلمون في هذه الليالي كلها لا ينامون بل يحرسون على البحر ويطوفون حوله ونحن وركبنا معهم في ذلك مستهلون بالشهادة رافعون أصواتنا بالتبكير وملعنون بالصلاة على البشير النذير عليه أفضل الصلوات وأزكى التحيات من الملك القدير وعلى آله وصحابته ذوي المنهاج الواضح المنير فلما كان بعد صلاة العشاء ليلة السبت ضربت الكفرة دمرهم الله بمدافعهم فرأينا من ذلك ما لم نره قط ولا سمعنا به ترى البارود حين يخرج من بخش المدفع فإذا بكرة محماة تحكي الشهب خرجت منه صعدت ثم يرمون بأخرى وترتفع أكثر من الأولى ثم تتدلى هابطة فإذا وقعت بالأرض سمع لها صوت هائل تصمنه الأذان فتصدع في الموضع الذي وقعت فيه وتتفرق ولا تقع على بناء إلا هدمته ولا على بسيط مستو إلا وحفرته ولا على علية أو أسطوانة إلا وهدمتها ولا على شجرة إلا وأحرقتها أو قلعتها فتمكث في أعماق الأرض سويعة فتتكسر فيسمع لها صوت هائل أعظم من الأول ونحن في ذلك كله رافعو الأكف بالذلة والافتقار والخضوع والتضرع إلى الله تعالى الليل كله ولا نكتحل بنوم قط وما خرج مدفع من مدافعهم إلا وظننا أنه يقع علينا فتارة تقع حذاءنا وتارة تمر علينا وأكثر ما تقع بالمدينة أو البحر أو قرب المدينة خارجا وفي بعض الليالي وهي من الليالي الهائلة أخذوا في الضرب الليل كله إلى الصباح بل إلى الضحى لا يفترون عنه ساعة وضربوا فيما أخبرني به بعض فقهاء البلد بأزيد من تسعمائة كرة فلما رأينا هو لهم العظيم ومعنا النساء والصبيان وفيهن الحوامل خشينا عليهن أن يقذفن ما في أرحامهن مما يعاين فتحولنا لبعض البساتين المسورة فنزل الركب بها وأدخلنا حريمنا لبعض الديار ثم امسكوا عن الضرب إلى أن صلينا العشاء فضربوا أيضا دفعة واحدة فهاجت عليهم أرياح عاصفة وأفسدت كراهم
صفحه ۱۹۰