166

شهرا لا يقدر منهم على شيء فخرج رجل من بني مدلج ذات يوم من عسكر عمرو يتصيد في سبعة نفر فمضوا غربي المدينة فاشتد عليهم الحر فأخذوا راجعين على ضفة البحر وكان البحر لا صقا بالمدينة ولم يكن بين البحر والمدينة سور وكانت سفن البحر شارعة في مرساها إلى بيوتهم فنظر المدلجي وأصحابه فإذا البحر قد غاص من ناجية المدينة فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية الكنيسة فكبروا فلم يكن للروم مفزع إلا إلى سفنهم وأقبل عمرو بجيوشه حتى دخل عليهم فلم يفلت الروم إلا بما خف عليهم في مراكبهم وغنم عمرو ما كان بالمدينة وسور المدينة مما يلي البحر غير أصل إنما بناه هرثمة بن أعين في حين ولايته القيروان وبعث عمرو بن العاص إلى ودان بشر بن أرطأة وهو محاصر طرابلس فافتتحها وذلك سنة ثلاث وعشرين وأكثر معيشة أهل ودان التمر ولهم زرع يسقونه بالنضح وافتتح عمرو بن العاص نفوسة وكانوا نصارى وأم قرى جبل نفوسة شروين مدينة كبيرة آهلة جليلة وبين طرابلس ومدينة شروين خمسة أيام وبينهما حصن لبدة من بنيان الأوائل بالأجر والحجر حوله آثار عجيبة وخرائبي كثيرة يسكن هذا الحصن قوم من المغرب حماتهم نحو الألف فارس وهم محاربون لجميع من يحاربهم من قبائل البربر أزيد من عشرين ألفا بين راجل وفارس وظاهرون عليهم وفي وسط جبل نفوسة النخيل والزيتون الكثير والفواكه ويجتمع فيما حوله من القبائل ستة عشر ألف رجل وطول جبل نفوسة من المشرق إلى المغرب ستة أيام اه كلامه مع بعض اختصار وتغيير وفي رحلة أبي سالم العياشي وهي مدينة مساحتها صغيرة ، وخيراتها كثيرة ، ونكايتها للعدو شهيرة ، ومآثرها جليلة ، ومعائبها قليلة ، أنيقة البناء ، فسيحة الفناء ، عالية الأسوار ، متناسبة الأدوار ، واسعة طريقها ، سهل طروقها ، إلى ما جمع لأهلها من زكاء الأوصاف ، وجميل الإنصاف ، وسماحة على المعتاد زائدة ، وعلى المتعاقبين بأنواع المبرة عائدة ، لا تكاد تسمع من واحد من أهلها لغوا إلا سلاما ، ولو لمن استحق ملاما ، لا سيما مع

صفحه ۱۸۳