211

رود زاهر در سیره پادشاه ظاهر

الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر

مناطق
مصر
امپراتوری‌ها
ممالیک

لما تقطعت الأسباب الفرنج سیر وا رسلهم إلى السلطان في طلب الأمان، فاشترط عليهم أن لا يستصحبوا سلاحا ولا لامة حرب ولا شيئا من الفضيات، ولا يؤذوا شيئا من دخائر القلعة بنار ولا هدم ؛ فتوجهوا، وصار السلطان يعمل الحيلة، ويعطي بعضهم الأمانات من المرامي، ويسير المناديل ورو تقرر مع جماعة أنهم يفتحون الأبواب، فتسامع الفرنج، وحصل بينهم الخلف، وحضر خمسة عشر نفرة من القلعة مقفزين في وقت واحد، فخلع عليهم، وقالوا لأصحابهم ما حصل لهم من الخير، ونودي في العسكر بأن لا يرموا أحدا من الفرنج والنصارى والمستعربة غير الديوية، فأمسك الفرنج من تلك الساعة عن القتال، وردوا الأمان، وقالوا ما ندخل في شرط، ورمي الرسل الخلع والمال المنعم به عليهم من الأسوار ؛ فلما أيقنوا بالهلك سيروا رسلهم في يوم الجمعة ثامن عشر الشهر، سیر وا يطلبون ما كانوا طلبوه أولا، فامتنع عليهم، فأخذ الأتابك منديل مقدم الحمدارية، وهو الأمير جمال الدين أقوش القليجي، وأعطاه لهم، على أنهم لا يخرجون بشيء مما ذكرناها ؛ فتوجه الرسل، وبعد صلاة الجمعة صاح أهل القلعة : «یا مسلمين ! الأمان !».

وكان في ذلك الوقت قد خطب خطیب دمشق، ودعا عقيب خطبة الجمعة للمجاهدين، ودعا الناس، وكشفت الرؤوس، وخشعت الأصوات، فاستجاب الله منهم، وكان صباح الفرنج تطلب الأمان في تلك الساعة وما بقي أحد يقاتل ؛ فلما كان وقت العصر فتحت الأبواب، وطلعت الصناجق، وكانت ساعة مشهودة ؛ ووقف السلطان راكبا على باب صفد، ونزل الفرنج أولا" فأولا، وصاروا جميعهم بين يديه، وأخرجوا معهم الأسلحة والفضيات وأخفوها في قماشهم، وتحدثوا على جماعة من أسرى المسلمين، وأخذوهم على أنهم نصارى وكذلك صغار المسلمين المأسورين عندهم، فما أخفى الله ذلك ورسم بتفتيشهم، فوجد معهم ما ذكرناه مما ينقض الأمان، لو كان حقيقة، فكيف وما أعطاهم السلطان أمانة معتبرة، فأخذت منهم العدد، وأنزلوا عن خيولهم لكونهم ما رفوا بالشرط، وجعلوا في خيمة محفوظین.

صفحه ۲۶۱