وبعد أن أثبت نيوتن وجود هذا المبدأ أبصر جيدا أنه سيثار ضد هذا الاسم وحده، وهو في أكثر من محل في كتابه، حذر قارئه من الجاذبية نفسها؛ أي حذره من خلطها بتنجيمات القدماء، وبالاقتصار على معرفة وجود قوة مركزية في جميع الأجرام تؤثر بين طرفي العالم في أقرب الأجرام وأبعدها وفق قوانين الميكانيك الثابتة.
ومن موجبات الدهش بعد احتجاجات هذا الفيلسوف الكبير الصريحة، أن يعيبه السيدان سورين ودوفونتنل، اللذان يستحقان هذا اللقب أيضا على الأوهام المشائية، أن يعيبه مسيو سورين في مذكرات الأكاديمية لسنة 1709، وأن يعيبه مسيو دوفونتنل في تأبينه لمستر نيوتن.
وقد ردد جميع الفرنسيين - تقريبا - هذا التأنيب، علماء كانوا أو غير علماء. ومما سمع في كل مكان: «لم لم يستعمل نيوتن كلمة الدفع التي تدرك جيدا، ولم يفضلها على كلمة الجذب التي لا تدرك؟»
وكان يمكن نيوتن أن يرد على هذه الانتقادات بقوله: (1)
أنتم لا تدركون كلمة الدفع أكثر من إدراككم كلمة الجذب، وإذا كنتم لا تتمثلون السبب في كون الجرم يتجه إلى مركز جرم آخر، فإنكم لا تكونون أكثر تصورا للعامل الذي يستطيع الجرم أن يدفع به جرما آخر. (2)
لم أستطع أن أسلم بالدفع؛ وذلك لأن هذا يستلزم معرفتي كون المادة السماوية تدفع السيارات بالحقيقة، والواقع أنني لا أعرف هذه المادة فقط، بل أثبت أنها غير موجودة أيضا. (3)
لا أستعمل كلمة الجذب إلا لأعبر عن معلول اكتشفته في الطبيعة، عن معلول ثابت لا جدال فيه لسبب غير معلوم، عن خاصية ملازمة للمادة، سيجد علتها من هم أمهر مني إذا ما استطاعوا أن يجدوها.
ويصر على القول: «ماذا علمتنا إذن، ولم كل هذا الحساب لتقول لنا ما لا تعرف أنت؟»
وكان يمكن نيوتن أن يقول مواصلا: «لقد علمتكم أن ميكانية
1
صفحه نامشخص