(جزى الله عنا الموت خيرا فإنه ... أبر بنا من كل بر وأرأف)
(يعجل تخليص النفوس من الأذى ... ويدنى من الدار التي هى أشرف)
وفي قوله تعالى: ﴿ولا يتمونه أبدا بما قدمت أيديهم﴾ [الجمعة ٦٢: ٧] نبأ كاف، وإيضاح لهذا شاف.
فإن قيل: فكيف كره الأنبياء والفضلاء الموت مع معرفتهم بفضيلة الدار الآخرة، وما يصيرون إليه من الدرجات العالية؟ فالجواب: أن كراهيتهم للموت ليست من أجل رغبتهم في الدنيا، وإنما ذلك لأمرين: أحدهما: ما يلاقون من غصص الموت وألمه وسكراته وغممه. والثاني: أن في بقائهم صلاحا للعالم، وكفا لهم عن التعدي والتظالم، فهم يحبون أن يمد لهم في البقاء ليسكثروا من الأعمال، ويهتدي بهم أهل الزيغ والضلال، فتكثر حسناتهم وتعلو درجاتهم.
وقد قال رسول الله ﷺ: "لأن يهدي الله - تعالى - بك رجلا واحدا خير مما طلعت عليه الشمس".
ولما وصلت إلى قوله:
(لم يستريحوا من شرور زمانهم ... إلا بنقلهم إلى الأجداث)
1 / 72