وقد كان على ظهر تلك الجارية، وتيك البضة العارية، جمٌّ من الغرباء، قد بارحوا الوطن لإمتاع الطرف بذلك المنظر الحسن، فسررت حيث ضمني وإياهم نادٍ سمعت فيه مختلف لغاتهم، وتعرفت تباين صفاتهم، فمن رجال أولي حماسة وسماحة، لطيفي السجايا فسيحي الساحة، ومن جوارٍ حسان قد تمنطقن بالجمال، وتوشحن بوشاح الكمال.
حسان أعارتها الظِبا حسن وجهها ... كما قد أعارتها العيون الجآذر
ينثنين عن كثبان، ويتمايلن وهن غصن البان، وقد ترامت غدائرهن على الأقدام لتشفع لأولي الهوى والهيام، ولولا المجد والفضائل لأصبح مثلي أسير تلك الحبائل.
وإني لأستحي من المجد أن أُرى ... حليفَ غوانٍ أو أليف أغاني
على أنني من قوم، ولا فخر شيمتهم الغرام، وديدنهم الهيام، فما ترى منهم إلا في المحبة ناثرًا، ولا في الصبابة إلا شاعرًا.
نحن قوم تذيبنا الأعين النجل ... على أننا نُذيب الحديدا
ولم تزل الباخرة بنا تتثنى وتميل، ونحن نمتع الطرف بذاك المنظر الجميل، إلى أن مرَّت بنا على قرية باسقة الأشجار،
1 / 331