رهگذران مسلمان در قرون وسطی
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
ژانرها
وقال ابن بطوطة في الحكاية الثانية: دخلت يوما على أبي محمد بندكان المسوفي الذي قدمنا في صحبته فوجدته قاعدا على بساط وفي وسط داره سرير مظلل عليه امرأة معها رجل قاعد وهما يتحدثان فقلت له: ما هذه المرأة؟ فقال: هي زوجتي، فقلت: وما الرجل الذي معها منها؟ فقال: هو صاحبها. فقلت له: أترضى بهذا وأنت قد سكنت بلادنا وعرفت أمور الشرع؟ فقال لي: مصاحبة النساء للرجال عندنا على خير وحسن طريقة لا تهمة فيها، ولسن كنساء بلادكم؛ فعجبت من رعونته وانصرفت عنه فلم أعد إليه بعدها واستدعاني مرات فلم أجبه.»
غادر ابن بطوطة إيوالاتن ميمما شطر «مالي» الواقعة جنوبيها على مسيرة أربعة وعشرين يوما. واكترى هو وثلاثة من أصحابه دليلا من قبيلة مسوفة. ومر بطريق فيها أشجار ضخمة قد تستظل القافلة بظل الشجرة الواحدة منها. وبعض هذه الأشجار يحفظ فيه ماء المطر ويشرب الناس منه. وقد ذكر الأستاذ جب
Gibb
في تعليقه على هذا الوصف أن هذا النوع من الشجر أدخل من أفريقية الغربية إلى إقليم كردفان في القرن الثامن عشر، وكانوا يفرغون جذوعه لتخزن فيها المياه فتقوم مقام الآبار.
وأشار الرحالة إلى أن المسافر في تلك البلاد لا يحمل زادا وإنما يحمل قطع الملح وحلي الزجاج أو الخرز وبعض السلع العطرية، فإذا وصل إلى إحدى القرى جاء نساء السودان بالذرة واللبن والدجاج ودقيق النبق والأرز والفوفي - وهو كحب الخردل يصنع منه الكسكسو - والعصيدة ودقيق اللوبيا، فيشتري منهن ما أحب من ذلك.
ووصل ابن بطوطة إلى مدينة كارسخو على نهر النيجر وظنه نهر النيل وقال : إنه ينحدر من كارسخو على بلدة كابره فبلدة زغة ثم إلى تنبكتو. ولاحظ أن أهل زاغة قدماء في الإسلام متمسكون بأهداب الدين ومقبلون على طلب العلم. والواقع أن هذه المنطقة، وهي على فرع النيجر الشمالي الغربي مقر مملكة تكرور التي كانت أول معقل للإسلام بالسودان في بداءة القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي).
وكان ابن بطوطة يعتقد أن «النيل» (أي: النيجر) ينحدر من تمبكتو إلى بلدة كوكوثم على بلدة مولى فبلدة يوفي ثم ينحدر إلى بلاد النوبة ودنقلة. ولعل وجود بحر الغزال كان سببا في هذا الخطأ. ولكن معظم الرحالة والجغرافيين كانوا يعتقدون أن نهر النيجر يصب غربا، وكانوا يخلطون بينه وبين نهر السنغال، إلى أن أتيح للطبيب البريطاني منجو بارك
Mungo park
أن يقوم برحلته لكشف حوض النيجر سنة 1795، فيتقدم في إقليم غمبيا ويعبر نهر السنغال، ثم يتبع مجرى النيجر إلى مسافة قريبة من تمبكتو.
ووصل ابن بطوطة أخيرا إلى مدينة مالي محاضرة مملكة السودان المسماة بهذا الاسم. وأشار إلى أن من عادات أولي الأمر فيها أن يمنعوا الناس دخولها إلا بالإذن. وكان الرحالة قد كتب إلى زعماء الجالية العربية فيها، فحصلوا على ذلك الإذن واكتروا له دارا وكان بين أولئك الزعماء تاجر مصري اسمه شمس الدين بن النقويس المصري. والظاهر أن هذه المدينة كان فيها جالية مصرية بارزة، وقد أشار ابن بطوطة إلى مرض أصيب به فيها، وكان علاجه على يد أحد أفراد تلك الجالية.
صفحه نامشخص