١٤ - ومنهم الإمامية يقولون بالنص الجلي على إمامة علي ﵁ ويكفرون الصحابة ﵃. واتفقوا على الأئمة المنصوص عليهم إلى جعفر الصادق ﵁ ثم اختلفوا من بعده. والمشهور المختار عند جمهورهم أن الإمام بعده موسى بن جعفر الكاظم ﵁ ثم علي بن موسى الرضا ﵁ ثم محمد بن علي التقي ﵁ ثم علي بن محمد العسكري ﵁ ثم حسن بن علي الزكي ﵁ ثم محمد بن الحسن وهو القائم المنتظر. وكان أوائلهم على مذهب أئمتهم وأما متأخروهم فمنهم من مال إلى المعتزلة ومنهم من مال إلى المشبهة.
وهذا آخر بيان فرقهم الضالة المضلة. وإنما لم نذكر باقي الفرق لأنهم موافقون بالمذكورين إلا في اشياء يسيرة وكل من له أدنى دراية وتميز واطلع على مطالبهم فإنه يحكم لا محالة بفساد مذهبهم بأدنى النظر وإن لم يرجع إلى الأدلة. وماذا أشنع من أنهم ينسبون أنفسهم إلى أهل بيت النبي ﷺ ويدعون متابعتهم وموالاتهم، وأولئك الأخيار يتبرؤن عن هذه المحبة المفرطة ولا يقبلون منهم متابعتهم. إنما محبة هؤلاء الضلال كمحبة النصارى بعيسى بن مريم ﵊: أفرطوا في محبته حتى عبدوه وهو بريء منهم.
وأخرج أحمد عن علي ﵁ أنه قال: قال لي رسول الله ﷺ: "فيك مثل من عيسى ﵇ أبغضته اليهود حتى بهتوا امه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمترلة التي ليست له" ثم قال: يهلك في رجلان محب مفرط يفرطني بما ليس في ومبغض يحمله شنأني على أن يبهتني. وقوله سبحانه: ﴿إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا﴾ (١) يبين حال الرفضة ومآل أمرهم ﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب﴾. (٢)
قال علماء ما وراء النهر شكر الله سعيهم: قد اشتهر بل تواتر أن النبي ﷺ كان يوقر الخلفاء الثلاثة ويقدمهم في الأمور على غيرهم ويدنيهم؛ وصحت في فضائلهم ومناقبهم أحاديث لا تعد ولا تحصى. وجميع أقوال النبي ﷺ وأفعاله بأمر الله تعالى ووحيه لقوله عز من قائل: ﴿وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحيٌ يوحى﴾ (٣) والشيعة في طعنهم وذمهم يخالفون الوحي ومخالفة الوحي كفر.
_________
(١) البقرة: ١٦٦
(٢) آل عمران: ٨
(٣) النجم: ٣ - ٤
1 / 4