وأما قوله سبحانه: { فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ } [الحج: 15]. وهذا أيضا فإنما كان لماهو لهم من أمر الله مغيظ. يقول سبحانه أما من امرؤ غاظه، فليس يذهبه اغتياظه، وأما { آسفونا }. فهو أفرطوا في عصياننا، فوجب عليهم بذلك تعجيل انتقامنا، لا على ما توهم من حرقة الأسف، التي لا تحل إلا بكل مستضعف، ولقد كان له في هذا بيان واضح لو تبين، ويقين علم صادق لو تيقن، لقول الله جل ثناؤه، وتباركت بقدسه أسماؤه، :{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [الشورى: 11]. وأن الذي توهم لتمثيل هو التمثيل، فسبحان من لا تصل إليه الآلام، ولا يعرض له نوم ولا نسيان، ومن ليس كمثل ما خلق من الإنسان، ذلك الله رب الأرباب، وولي مجازاة العدل في الثواب والعقاب.
وأما قوله: فجعل الله السبيل سبيلين.
فوا عجبا لمحال قوله في هذا التكثير والتفنين! وكيف - ويله - يكون سبيلان سبيلا ؟! ما أحسب كلامه بهذا ومثله إلا خبلا وتضليلا!! فسبيل - زعم - للطاغوت وحزبه، وسبيل تفرد الله به، وإنما يكون سبيلهم لهم سبيلا غيا، إذاكان كل أحد سواهم منه بريا، وإنما يكون السبيل لله سبحانه سبيلا، إذا كان إليه داعيا وعليه دليلا، فهذا - ويله - وجه السبيلين، لا ما قال به من محال الشيئين.
صفحه ۱۶۷