فإن قالوا: من خلقه يقال لهم: فما معنى قوله:{ لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا } [مريم: 89 - 91]. وقوله:{ لقد جئت شيئا نكرا } [الكهف:74]. فهل يكون هذا على معناكم وأصلكم ومذهبكم إلا كذبا ؟! لأنكم زعمتم أن الله تبارك وتعالى، جاء به. وقال للكفار: أنتم الذين جئتم به. فلو أردتم تصفون ربكم بالكذب كيف كنتم تقولون ؟! وهل يجوز هذا عندكم ؟! وفي عقولكم أن يكون للصادق أن يفعل شيئا، ثم يقول لغيره: أنت فعلته! ولو جاز أن يكون فاعل هذا صادقا، جاز أن يكون من فعل شيئا وجاء به، وقال: أنا جئت به أن يكون كاذبا، مع أن الله تبارك وتعالى، قد عاب فاعل ذلك وذمه، فقال: { ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا، فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا } [النساء: 112].
وإن زعم أن الكفر جاء به من لم يخلقه، ومن خلقه لم يجئ به خرج من المعقول، ولزمه أن يقول: إن من لم يخلق الموت هو الذي جاء به، ومن خلقه لم يجئ به، وهذا خروج من عقول الخلائق.
فإن سأل سائل عن قول الله تبارك وتعالى:{ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس } [الأعراف: 179]. فقال: إذا كان قد أخبر أنه خلق لجهنم كثيرا من الجن والإنس، كيف يزعم أنه خلقهم لعبادته ؟ وإلا فبينوا ما تأويل الآية عندكم ؟!
صفحه ۳۷۷