فتساءل الشيخ بحدة: وأنت ألا تخشى المرأة أيضا؟ - يمكن أن تستمد من العمامة قوة، وليس لي ذلك.
فقال الشيخ: لولا المرأة ما كانت الزاوية!
فقال له بأسى: إنك تعلم أنها ترعاها من أجل الشيطان.
وأقبل على الفتى معرضا عن الشيخ، وقال: سوف تسترد ماضيك يوما ما، مظهرك يدل على أنك منحدر من أصل طيب، ولعلك كنت ماضيا في مهمة نافعة، لست من حينا، فماذا جاء بك إليه؟ والعمل المتاح لك اليوم لا يناسبك، فماذا كان عملك ؟
فتمتم عبد الله: لا حيلة لي الآن. - هذا واضح، المهم ألا تتورط في مأزق يتعذر الخروج منه إذا انقشعت الظلمات. - نعمة الله هيأت لي عملا ومأوى. - هي في الحقيقة نقمة لا نعمة! - لولاها ...
فقاطعه: إنها صاحبة خطة قديمة متجددة، سوف تهبك نفسها، فتظن نفسك سيد العالمين.
فتورد وجه الفتى وخانه السرور فأضاء به وجهه، فقال الرجل بحزن: لست الأول، ولن تكون الأخير، وسوف تلفظك حتما وبلا رحمة، فتتلاشى ساعات السعادة الزائفة في حمأة الهجر الدائم، وتنضم إلى ركب التعساء الكثيرين.
قلقت في عينيه العسليتين نظرة حائرة، ولكن موجة الفرحة القريبة الراقصة اكتسحت نذر المصير المخيف المجهول، فقال الرجل وهو يصارع الهزيمة: إنها قوية بلا حدود، حتى ذئاب القبو الذين اعتدوا عليك يخضعون لها، وعند الضرورة تزهق روح من يعاندها، هي السحر وكفى.
فتساءل الشاب احتراما لعطف الرجل: ماذا تريد مني؟ - أن تهجر الحارة في الحال. - إلى أين؟ - ستجد لك رزقا في مكان ما حتى تستعيد ذاتك.
صمت دون حماس، فتساءل الرجل بقلق: أوقعت في قبضة قدرك؟
صفحه نامشخص