في حين ان أساس موقف أهل الحديث - الذين تعرضوا بسببه من قبل لما تعرضوا له أبان المحنه - وهو الامتناع عن القول بخلق القرآن والاكتفاء بالقول بأن القرآن كلام الله ولم يكونوا يرون بأن القرآن غير مخلوق أصلا بل كانوا متوقفين ! ، بحجة أن النبي صلى الله عليه وآله سلم لم يتناول الموضوع برمته كونهم أهل حديث ورواية وليسوا أهل فكر ونظر - ولا خاض فيه الصحابة ولا التابعون الأخيار ولا ورد نص في كتاب الله ولا سنة نبيه تصف القرآن صراحة بأنه مخلوق .. وكانوا ينهون نتيجة لذلك عن الخوض في الاراء الكلامية ويعتبرون ذلك بدعة في الدين ..
وإذا بهم يتجاوزون نهيهم وتبديعهم هذا وحججهم تلك ومنهجهم النصوصي بتبنيهم بعد ذلك القول بأن القرآن غير مخلوق ! ، وهذا خوض واضح فيما نهوا عنه أنكروه بشده على خصومهم وفيما لم يخض فيه الصحابة ودون علم أو دليل أصلا ناهيك عن أن يكون ثمة نص قرآني أو حديث نبوي لاصريح ولا غير صريح يؤيد ما ذهبوا إليه ليتبعهم على ذلك اتباعهم ومقلدوهم من أدعياء العلم والعوام والجهلة وكل من لافهم له أو علم ويرددونه ويحاكمون الآخرين في أمره ويمتحنونهم متمسكين بالألفاظ لا يفهمون معانيها ولا يدركون حقيقتها تعصبا وتقليدا ومتابعة عمياء لا أكثر .
ونشير هنا إلى أن فكرة قدم القرآن كانت قد ظهرت على نطاق ضيق وهناك شواهد تاريخية تشير إلى ذلك ، وتبني أهل الحديث لها بعد ذلك وان كان قد أتى في سياق ردود الأفعال العكسية والمعارضة اللاوعية لأعدائهم المعتزلة ، إلا انه يعتبر نتيجة طبيعة في نهاية المطاف لموقفهم المعارض منذ البداية من القول بخلق القرآن وهو موقف كان له أسبابه الفكرية والمنهجية المعرفية وقد أشرنا سابقا إلى بعضها وسنأتي عليها في الحلقات القادمة إن شاء الله عندما نتناول المسألة في زاوية فكرية محضة ..
صفحه ۷