القرآن في الفكر الإسلامي هل هو مخلوق أم قديم ؟
بقلم الأستاذ / ماجد بن هاشم المتوكل
---------
الحلقة الأولى
مدخل تاريخي :-
مسألة خلق القرآن - الذي هو كلام الله - من أبرز وأشهر المسائل الكلامية وأكثرها خصوصية وحساسية في تاريخ الفكر الإسلامي بشكل عام ، وعلم الكلام بشكل خاص مع أنها فرع وليست أصلا كونها تندرج تحت أصل التوحيد لدى العدلية ، وخصوصيتها تعود إلى ما قيل في إحدى التفسيرات من أن علم الكلام سمي بهذا الاسم نسبة إلى موضوعها الأساسي الذي دار حوله خلاف فكري حاد بين المسلمين وهو ( كلام الله عزوجل هل هو مخلوق أم غير مخلوق؟) .
أما شهرتها وحساسيتها - دون غيرها من مسائل ومباحث أصول الدين وعلم الكلام - فتعود إلى تلك الأحداث التاريخية المأساوية التي عرفت في كتب التاريخ بالمحنة ، واختلط فيها الفكر بالسياسة ، وكان لهذه الأخيرة دور رئيسي في إخراج المسألة من إطارها الفكري ، وتأجيج الصراع بين المعتزلة وأهل الحديث ، وإشعال الفتنة والعداء الفكري بينهما الذي امتد للأسف الشديد وألقى بظلاله بعد ذلك على سائر المسلمين ومدارسهم سواء بالموافقة لهذا الطرف (فكريا ) أو ذاك .
صفحه ۱
إثر تدخل الدولة السافر آنذاك - ممثلة في الخلفاء العباسيين بدءا بالمأمون عام 218ه - لحسم الخلاف والصراع الفكري بالقوة لصالح هذا الطرف ضد ذاك ثم العكس زمن المتوكل العباسي عام 232ه - من خلال ممارسات قمعية علنية بدأت أحداثها من زمن الخليفة العباسي المأمون الذي عرف بميله إلى مذهب المعتزلة ومنهجهم العقلي ، فقربهم - بعد كبت واضطهاد فكري وقمع سياسي سابق - وتبنى مذهبهم وآراءهم - بعد أن كان محظورا عليهم نشرها أو الإعلان عنها - وقلد أحد رجالاتهم القضاء والوزارة ، ( وهو القاضي المعتزلي أحمد ابن أبي داود ) ، وفي عام 218ه كتب كتابا بإيعاز ابن داود - إلى ولاته وعماله على الأمصار والأقاليم يأمرهم فيه بأن يحملوا الناس على القول ب ( خلق القرآن ) ، ويمتحنوا القضاة والمحدثين والفقهاء في ذلك ، ... الخ .
صفحه ۲
وبدأت المأساة بعقدة لتلك المجالس في بغداد لامتحانهم ومناظرتهم والتي يشرف عليها ويعقدها بعد ذلك ابن أبى داود ليتعرض الكثيرون للجلد والسجن وقطع الأرزاق ، وبلغ الأمر حد قتل البعض وقد أجاب منهم من أجاب خوفا ورهبه وامتنع آخرون ومنهم الإمام احمد بن حنبل ،واستمرت تلك السياسة والمحاكمات في عهد المعتصم ثم الواثق وبإشراف من أبي داود قرابة أربعة عشر عاما انتهت عام 232ه ، عرفت في تاريخ الفكر الإسلامي ب( محنة خلق القرآن )بعد أن طالت سنواتها واشتد الأمر فيها على أهل الحديث وطغت مظاهر الاضطهاد والقمع والتنكيل بالعلماء وازداد خلالها سخط العامة ونقمتهم وكراهيتهم للمعتزلة وانعكس ذلك وبشده على موقفهم من فكر المعتزلة والآراء الكلامية ومسألة خلق القرآن بشكل خاص ناهيك عن كونها من المسائل الكلامية التي يصعب عليهم فهمها واستيعابها وإدراك موضوعها الكلامي وهضم أدلتها العقلية ما يجعلهم يرفضونها وينفرون منها فما بالك وقد فرضت عليهم بالقوة وتعرض للجلد والسجن بسببها صلحاؤهم وعلماؤهم من أهل الفقه والحديث الذين هم اكثر ارتباطا بهم وتأثيرا عليهم وانقيادا لهم .
صفحه ۳
ومن المؤسف أن المعتزلة لم يكونوا مجرد مؤيدين بل كانوا وراء كل ذلك منذ البداية برغم انهم تعرضوا من قبل للإضطهاد والكبت والإرهاب الفكري والقمع السياسي بسبب آرائهم وحوربوا من قبل التيار النصوصي الغالب لاسيما مدرسة أهل الحديث التي عرفت بموقفها العدائي منهم ومن منهجهم والمتكلمين بشكل عام واعتبرتهم أهل أهواء وبدع وعبأت العامة ضدهم ، وقد تعرض الكثير من المعتزلة الذين كانوا محظورا عليهم أن يعلنوا عن آرائهم فضلا عن أن ينشروها - تعرضوا للسجن في عهد هارون الرشيد وقد روي انه أقسم أن يضرب عنق بشر المريسي أحد علمائهم لما بلغه انه يقول بأن القرآن مخلوق بل أن ذلك وقع منه بالفعل بحق أحدهم بسبب هذا القول . حيث روى ابن كثير في تاريخه أن بعضهم قال : " دخلت على الرشيد وبين يديه رجل مضروب العنق والسياف يمسح سيفه في قفا الرجل المقتول ، فقال الرشيد قتلته لأنه قال القرآن مخلوق (1) " .
الهوامش :-
(1) نقلا عن أسد حيدر ( الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) ج2 ص452 .
صفحه ۴
ومن جهة أخرى فإن المعتزلة عرفوا بمنهجهم العقلي وتحررهم الفكري ومحاربة الجمود والتقليد ودورهم الذي لا ينكر في الدفاع عن العقيدة الإسلامية في مواجهة الحملات الفكرية التي كان يشنها أعداء الإسلام من اتباع الديانات الأخرى وغيرهم ضد الإسلام إلى جانب ما تسرب إلى المجتمع الإسلامي وراج بين العامة من أفكار خاطئة ومدسوسة نتيجة ذلك .. كما لا ينكر أن الحضارة الإسلامية على صعيد العلوم والفكر والفلسفة والترجمة شهدت ازدهارا كبيرا خلال الفترة التي سادوا فيها فكريا وسياسيا وبرغم كل ذلك إلا انهم افسدوا أمرهم بارتكابهم لذلك الخطأ القاتل والعمل الشنيع واستغلالهم لنفوذهم في استعداء الدولة ضد خصومهم ودفع المأمون إلى تبني رأيهم في القرآن والإعلان عنها كعقيدة رسمية للدولة وفرضها بالقوة والإكراه على المحدثين والقضاء باعتبار أن استجابة الناس مرهونة باستجابتهم فكان ماكان من محاكمات وامتحانات وحبس وجلد وتنكيل وقتل وغير ذلك مما تجاوزوا فيه حدود الشرع والعقل وخالفوا مبادئهم نفسها القائمة أساسا على الحرية التي اصلوا لها على المستوى النظري أساءوا إليها وصادروها على المستوى التطبيقي فكانت تلك الضجة وتلك المحنة هي غلطتهم الكبرى التي أساءوا فيها للفكر ودفعوا ثمنها غاليا فكرا وفرقة ، بعد أن استمرت محنة خلق القرآن ما يقارب الأربعة عشر عاما حتى إذا ما تولى المتوكل العباسي عام 232ه الذي أراد أن يكسب العامة أقصى المعتزلة ونكل بهم ومنع الكلام والتحدث والجدل والرواية وانتصر للمحدثين وقربهم إليه وأعلى من شأنهم لاسيما الإمام احمد بن حنبل واسند إليهم القضاء وأطلق يدهم على البلاد والعباد جاء انتقام هؤلاء واتباعهم وأنصارهم من العوام والجهله جارفا وعنيفا ومتجاوزا لكل حل ليقضوا على المعتزلة كفرقة والى الأبد وعلى كتبهم ومؤلفاتهم وتراثهم الفكري الضخم والمتميز عدا النزر اليسير مما لم تطاله أيديهم .
صفحه ۵
أما على صعيد مسألة خلق القرآن - وهو ما يهمنا هنا - فإنهم لم يترددوا في تجاوز حدود الشرع بتفكيرهم - ومنهم الإمام احمد بن حنبل كما نقله عنه الحنابلة - للقائلين بخلق القرآن كفرا يخرج من الملة !! بل كفر من لم يكفرهم أو يشك في كفرهم !!
ومن ذلك قول أبي حاتم الرازي أحد علماء الحنابلة كما جاء في طبقات الحنابلة ( 1/286 ) :- ( من زعم انه مخلوق مجعول - يعني القرآن - فهو كافر كفرا ينقل به عن الملة !! ، ومن شك في كفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر ) (2) ، ناهيك عن قولهم :" إن من هذه مقالته إن لم يتب لم يناكح ولا يجوز قضاؤه ولا تؤكل ذبيحته ) .(3) .
أما على الصعيد الفكري فإن رأيهم في مسألة خلق القرآن لم يتوقف عند حدود اعتبارها من الأقوال والاعتقادات الكفرية المخرجة عن الملة كما رأينا بل تجاوزوا ذلك إلى الخوض في موضوعها بغير علم أو مستند ليتبنوا وجهة النظر المعارضة وهي القول بأن القرآن قديم وغير مخلوق في مقابل القول بأنه مخلوق (4) ويحملون الناس على ذلك ويرهبونهم ، ويمتحنون كل قادم عليهم من الأمصار الأخرى حتى وإن لم يكن عارفا بقولهم ولا مدركا لموضوعه ،
فإن سئل عن القرآن واكتفى بالقول بأنه كلام الله ، وتوقف ولم يقل بمقالتهم ،لم يقبلوا منه ذلك حتى يقول بمقالتهم فإن أجاب أجازوه وإن أبى وتوقف حكموا بكفره واعتبروه من الواقفة الملعونة !! وفي ذلك يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه أحمد بن حنبل ص294 : " كان يكفي أن يقول الرجل القرآن غير مخلوق حتى يستجاز قوله وإن تردد ولو للتروي والتفكير نبذ ورد " . ( 5 ) .
الهوامش :-
(2) نقلا عن المالكي قراءة في كتب العقائد ص113 .
(3) نقلا عن أسد حيدر ( الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) ج2 ص520 .....
(4) يدلك على هاجس المعارضة والمخالفة لديهم ما نقله المالكي في كتاب ( قراءة في كتاب العقائد ) ص159 من كتاب السنة والخلال (5/134 ، 136) من أن الحنابلة قالوا : ( إذا قلنا : القرآن كلام الله ثم لا نقول مخلوق ولا غير مخلوق لم يكن بيننا وبين هؤلاء الجهمية خلاف ( !!
(5) نقلا عن أسد حيدر ) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ) ج2 ص520 .
صفحه ۶
في حين ان أساس موقف أهل الحديث - الذين تعرضوا بسببه من قبل لما تعرضوا له أبان المحنه - وهو الامتناع عن القول بخلق القرآن والاكتفاء بالقول بأن القرآن كلام الله ولم يكونوا يرون بأن القرآن غير مخلوق أصلا بل كانوا متوقفين ! ، بحجة أن النبي صلى الله عليه وآله سلم لم يتناول الموضوع برمته كونهم أهل حديث ورواية وليسوا أهل فكر ونظر - ولا خاض فيه الصحابة ولا التابعون الأخيار ولا ورد نص في كتاب الله ولا سنة نبيه تصف القرآن صراحة بأنه مخلوق .. وكانوا ينهون نتيجة لذلك عن الخوض في الاراء الكلامية ويعتبرون ذلك بدعة في الدين ..
وإذا بهم يتجاوزون نهيهم وتبديعهم هذا وحججهم تلك ومنهجهم النصوصي بتبنيهم بعد ذلك القول بأن القرآن غير مخلوق ! ، وهذا خوض واضح فيما نهوا عنه أنكروه بشده على خصومهم وفيما لم يخض فيه الصحابة ودون علم أو دليل أصلا ناهيك عن أن يكون ثمة نص قرآني أو حديث نبوي لاصريح ولا غير صريح يؤيد ما ذهبوا إليه ليتبعهم على ذلك اتباعهم ومقلدوهم من أدعياء العلم والعوام والجهلة وكل من لافهم له أو علم ويرددونه ويحاكمون الآخرين في أمره ويمتحنونهم متمسكين بالألفاظ لا يفهمون معانيها ولا يدركون حقيقتها تعصبا وتقليدا ومتابعة عمياء لا أكثر .
ونشير هنا إلى أن فكرة قدم القرآن كانت قد ظهرت على نطاق ضيق وهناك شواهد تاريخية تشير إلى ذلك ، وتبني أهل الحديث لها بعد ذلك وان كان قد أتى في سياق ردود الأفعال العكسية والمعارضة اللاوعية لأعدائهم المعتزلة ، إلا انه يعتبر نتيجة طبيعة في نهاية المطاف لموقفهم المعارض منذ البداية من القول بخلق القرآن وهو موقف كان له أسبابه الفكرية والمنهجية المعرفية وقد أشرنا سابقا إلى بعضها وسنأتي عليها في الحلقات القادمة إن شاء الله عندما نتناول المسألة في زاوية فكرية محضة ..
صفحه ۷
كما يجب أن نشير إلى أن الحنابلة على وجه الخصوص هم الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها وقادوا حركة الانتقام لذلك وفرضوا أنفسهم كممثلين لأهل الحديث وفعلوا ما فعلوه وخاضوا في المسألة بغير علم ولا فهم وأحدثوا كل تلك الضجة وأثاروا العوام والجهلة ( وجل اتباعهم منهم ( .
وعرفوا دون سائر مذاهب أهل السنة وعلمائها واتباعها بالتعصب الشديد والسطحية والإغراق في النصوصية والحشو والتجسيم والتشبيه واشتهروا بتكفير وتفسيق وتبديع مخالفيهم وهم الذين أطلقوا فتاوى التكفير تلك بحق القائلين بخلق القرآن وتكفير من لم يكفرهم أو يشك في كفرهم أو يتوقف في أمر القرآن برمته متجاوزين بذلك ابسط الظوابط الشرعية خلافا لغيرهم ممن تبنوا القول بأن القرآن غير مخلوق ،- وذلك من حقهم بالطبع ولا ننكره عليهم- وهم الأشاعرة وجمهور أهل السنة من الشافعية والمالكية والحنفية الذين برغم اتفاقهم مع الحنابلة في أمر القرآن من حيث المبدأ إلا انهم لم يسلموا أيضا من فتاوى التكفير الحنبلية لأنهم خالفوا الحنابلة في التفصيل ، وقالوا بأن ) لفظنا بالقرآن مخلوق ( ، فكفر الحنابلة من يقول بذلك ، وقد نقلوا هذا التكفير عن إمامهم احمد بن حنبل وبهذا فإن سائر المسلمين كفار لدى الحنابلة !! ،
حيث وأن المعتزلة والزيدية والإمامية والأباضية يقولون بخلق القرآن والأشاعرة وجمهور السنة يقولون لفظنا به مخلوق !! .
صفحه ۸
علما بأن هناك من أئمة أهل الحديث من يقول بهذا القول الأخير وفي مقدمتهم البخاري صاحب الصحيح ، بل إن منهم من ثبت انه يقول بخلق القرآن وحسبنا أن نذكر أحد مشائخ البخاري الكبار ومن كانوا يسمونه أمير المؤمنين في الحديث وهو علي المديني ، إلى جانب عدد من الرواة ممن كانوا يروون عنهم ويوثقونهم قبل المحنه ، وبعد ذلك اتضح انهم يقولون بخلق القرآن أسقطوا عدالتهم وطعنوا فيهم وجرحوهم !! ، وكل ذلك يؤكد بأن كلام الله - ومنه القرآن - هل هو مخلوق أم غير مخلوق ؟ هي أولا وأخيرا وبغض النظر عن أي شيء آخر مسألة فكرية محضة دار حولها الخلاف بين المسلمين ولكل فريق رأيه وأسبابه الفكرية وأدلته ، والعبرة فيها بالدليل والحجة والبرهان ، لا بالتعصب والمعارضة اللاواعية والتقليد الأعمى والتكفير ، وما حدث من فرض المعتزلة لرأيهم فيها بالقوة وتعرض المحدثين لما تعرضوا له من محنه ، أمر يدينه ويستنكره ويرفضه ويحكم بتجاوزه للشرع كل عاقل منصف .
وكذلك الحال بالنسبة لما فعله الحنابلة بالمقابل مما كان أعظم وأشد من المحنة ، وإقرار هؤلاء أو أولئك على ما فعلوه إقرار بالباطل باعثه التعصب والهوى على حساب الشرع والحق .
صفحه ۹
ولعله من الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى أن هناك فرقا آنذاك كانت تقول بخلق القرآن ، أئمة وعلماء كبار لهم وزنهم ومكانتهم بين المسلمين ولهم مدرستهم الفقهية والفكرية الكلامية المتميزة والمستقلة التي كان يقصدها الفقهاء وطلاب العلم من كل مكان وتخرج منها الكثير من أعلام الأمة ، إنها مدرسة أئمة أهل البيت عليهم السلام في المدينة المنورة ، ومن ورائهم شيعتهم من الزيدية وغيرهم ، ولو فتشت في كتب التاريخ وغيرها لما وجدت لأولئك الأئمة الأطهار ذكرا في أمر المحنه ، ولا تصريحا برأيهم في تلك المسألة للعامة ، وحاشاهم أن يقروا المعتزلة والدولة على الباطل والظلم ، أو يرضوا بوقوع ما وقع للمحدثين والعلماء من حبس وجلد وسفك دماء ،....، أو يؤازروا الحكام الظلمة على ظلمهم وتسلطهم وكيف لا وهم يعيشون حالة مواجة مستمرة معهم ، وقد نذروا أنفسهم لمقاومة الظلم والجور والإنحراف ، ولقوا في سبيل ذلك ما لم يلقه أحد من ويلات ومآس وتقتيل وتشريد وملاحقة ...الخ .
ولذا لم ينأوا بأنفسهم عن ذلك فحسب وينكروه بل حرصوا على إخماد تلك الفتنه ، حيث كانوا يأمرون شيعتهم والعامة بعدم الخوض في تلك المسألة وإثارتها ، وكان من الطبيعي أن يقصدهم الناس من مختلف الإتجاهات في تلك المعمعة ويسألوهم عن قولهم في القرآن أهو مخلوق أم غير مخلوق ؟ فلا يزيدون على القول بأنه كلام الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وجعله هدى ورحمة للناس ، وغاية ما يمكن يضيفه أحدهم _ إن ألح عليه السائل _ أن يتلوا قوله تعالى : ( وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ( ، وهذا ما لا يسع أحد من المسلمين أن يرده أو يختلف حوله مع آخر ، ومعلوم أن الذكر هو القرآن ، ومحدث ومخلوق بمعنى واحد .
صفحه ۱۰
وكان من الطبيعي أن ترتفع تلك المسألة من أذهان العامة ، ويتوقف ترديدها وإثارتها في أوساطهم وينحصر تناولها وبحثها والخوض فيها على العلماء والمتكلمين ومن إليهم من أهل الفكر والعلم والبحث والإطلاع من الفرقين ، الزيدية والإمامية والأباضية وهم القائلون بخلق القرآن ، في مقابل الماتريدية والأشاعرة نسبة إلى المذهب الأشعري الذي إنتشر وبات غالبية أهل السنة _ يقلدونه في العقائد ، ليتبعهما وينشر مذهبهما بعد ذلك الشيخ محمد بن عبدالوهاب النجدي في القرن الثاني عشر الهجري ، وإليه ينتسب التيار الوهابي _ السلفي اليوم الذي يمثل في نهاية المطاف إمتدادا للحنابلة ومذهبهم .
صفحه ۱۱
إلا أن التيار ( الوهابي _ السلفي ( _ وإنطلاقا من شعار العودة إلى ما كان عليه السلف _ عمل اليوم للأسف الشديد على بعث تلك المسألة من جديد ليتردد عنوانها على لسان العامة من أتباعه ، وفي إطار إثارته لعناوين المسائل الكلامية الخلافية القديمة ، ومواقف وآراء أسلافه فيها ، وفي المخالفين لهم في الرأي ، ممن يستهدفهم اليوم ويشن حملاته المذهبية ضدهم ، ويعبئ ضدهم العوام والجهلة وأدعياء العلم من أتباعه وطلابه وخطبائه وغيرهم من خلال إثارتها لتلك العناوين ، معيدا ذات الأقوال والأحكام التكفيرية والتضليلية التي رافقتها من قبل وأطلقها أسلافه الحنابلة بحق خصومهم وسائر القائلين فيها بخلاف قولهم ، ومنها مسألة خلق القرآن التي أخذ بعض الكتاب يشيرون إليها بين الحين والآخر ، ويرددها الكثير من أتباع هذا التيار باعتبار _ كما قدمت لهم _ من الأقوال الكفرية التي أحدثها أهل الأهواء والضلال ، وحاربها ( السلف ) ، وتعرضوا بسببها لتلك المحنه ..!! ، ليتمسكوا بوجهة النظر المعارضة المتمثلة في القول بأن القرآن غير مخلوق أو قديم ، لا باعتبار ذلك ناتجا عن فهم حقيقي للمسألة وإدراك لحقيقة موضوعها ومعرفة بأدلتها بل ومعنى قولهم ذاك ناهيك عن الإطلاع على الرأي الآخر ، بقدر ما يندرج تحت شعار أو مبدأ التمسك بما سمي ب ( عقيدة السلف ) ، وهو ناتج عن تقليد أعمى مع تضليل وجهل وانغلاق .. ، والمشكلة أن هؤلاء يرددون مالا يعرفونه حق معرفته ، ويتمسكون بألفاظ لا يفهمونها ، والأعجب من هذا أنهم ينكرون ويشنعون على مخالفيهم اليوم دون فهم أو علم ، ويكتفون بأن يرددوا على مسامعك ما قاله فلان وفلان من أسلافهم في مسألة خلق القرآن والقائلين بها ، وليت هذا التيار سكت عنها ، وترك أمرها للعلماء وأهل الإختصاص لكان خيرا له من إثارتها على ذلك النحو بين العامة .
صفحه ۱۲
ومن المؤسف أن علماء وأقطاب ومرجعيات هذا التيار المتأخرين والمعاصرين لا زالوا يعتمدون في كتبهم ومؤلفاتهم في العقائد أحكام أسلافهم التكفيرية ، ويقدمون تلك المسألة لأتباعهم على أنها مجرد قول من أقوال الزنادقة وأهل الضلال والأهواء !! ، ولا يعترفون حتى مجرد الإعتراف بأن المسألة برمتها ) القرآن هل مخلوق أم غير مخلوق ؟) مسألة فكرية خلافية بين المسلمين ، ولا يتركون لأتباعهم من طلاب ودارسين وخطباء وغيرهم مجالا لأن ينظروا إليها باعتبارها جزءا من الفكر الإسلامي ، فضلا عن أن يعرضوا رأي مخالفيهم وأدلتهم بأمانة وموضوعية من كتبهم ، ويقدموا بعد ذلك رأيهم وأدلتهم وتفنيداتهم ، لتكون الصور واضحة ، والحقيقة مطروحة أمام الجميع دون حجب أو تغييب أو تضليل أو تعتيم أو تشويه لرأي الخصم ، ناهيك عن التكفير الذي يفترض أن يعودوا في أمره إلى الشرع وضوابطه ، لا إلى أسلافهم وما حكموا به وتجاوزوا فيه حدود الشرع .
وإنطلاقا من كل ما سبق فقد رأيت أن أتناول هذه المسألة من زاوية فكرية محضة ، موضحا من أمرها ما يجهله غالبية الناس بما فيهم متعلمون ومثقفون وغيرهم ومبينا حقيقتها وموضوعها الكلامي الدقيق لأولئك الذين يرددونها بلا علم ، أو يحملون فكرة مغلوطة عنها أو تصورا خاطئا أو صورة مشوهة أو سطحية ، إلى جانب أولئك الذين باتت تشغل بالهم بعد أن تردد عنوانها وتسامعوا به وأثير ضد بعضهم ، خدمة للفكر الإسلامي وتبصرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
صفحه ۱۳
الحلقة الثانية :-
لعله من الأهمية بمكان قبل الدخول في الموضوع أن نوضح للقارئ الكريم ، وباختصار معاني بعض المصطلحات الكلامية لارتباطها بصلب موضوعنا وتكررها معنا بعد ذلك .
] القديم والأزلي والحادث [
اتفق علماء الكلام والأصول على أن القدم من صفات الله تعالى الذاتية كالعلم والقدرة ونحوه ، والحدوث من في صفات كل ماهو مخلوق ومحدث
وذلك أن القديم في اصطلاح المتكلمين هو : الموجود الذي لم يسبق بالعدم ( أي ليس مخلوقا ) وما من موجود على هذه الصفة إلا الخالق تبارك وتعالى ، وقد عرفه الإمام يحي بن حمزة عليه السلام بقوله : ( القديم هو مالا أول لوجوده ) .
وعليه فإن القديم هو الله سبحانه وتعالى ، ولا شيء يشاركه في القدم ، ولو شاركه شيء لكان قديما مثله ( لم يسبق بالعدم ) وبالتالي إلها آخر ، وهذا محال بالطبع لأنه ما من اله غير الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا شريك له ولا شبيه ، وكل ما سواه فهو مخلوق له ومحدث .
والحادث هو عكس القديم أي الموجود المسبوق بالعدم أو الكائن بعد أن لم يكن (المخلوق) .
أما الأزلي فهو في اصطلاح المتكلمين : ما لا أول له وهو الله سبحانه وتعالى ، لذا فإن القدم والأزلية تشتركان في المعنى .....
صفحه ۱۴
ومن هنا جاء وصفهم لصفات الذات الإلهية ( الحياة والقدرة والعلم ونحوه ) بأنها أزلية قديمة أي أنها مرتبطة بذاته الأزلية القديمة ( بل هي عين ذاته كما أكدته العدلية ، وقائمة بذاته كما ذهب إليه الأشاعرة والحنابلة ) ، فلم يزل الله سبحانه حيا قادرا عالما قبل أن يكون معه شيء وقبل ان يخلق شيئا ، بخلاف صفات الفعل ( الخالقية والرازقية وغيرها ) فهي ليست أزلية قديمة وإنما اتصف الله بها بعد أن خلق المخلوقين فلا يقال بأن الله سبحانه وتعالى خالقا رازقا محييا مميتا ( في الأزل ) ، لأن ذلك يلزم منه وجود المخلوقين مع الله في الأزل ، وبالتالي انتفاء المخلوقية عنهم ، ومشاركته في القدم والأزلية ، ومن ثم في الألوهية خلافا لصفات الذات الثابتة له في الأزل والتي هي عين ذاته أساسا وليست شيئا آخر غير ذاته ، ولا أمرا زائدا على الذات ، نحو قادر عالم بصير سميع حي غني حكيم ، وغير ذلك من الصفات الجارية على الذات لا باعتبار أمر يفعله - كما عرفها الإمام يحي بن حمزة عليه السلام - في مقابل الجارية على الذات باعتبار أمر يفعله ( كالخلق والرزق ونحوه من صفات الفعل ) .
ونعود الى حديثنا .
] معنى خلق القرآن وقدمه [
لا يختلف اثنان من المسلمين في أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو الذي نتلوه في المحاريب ونقرأه في المصاحف بنصه وحرفه دون زيادة أو نقصان وقد خصه الله تعالى بما لم يخص به سائر الكتب السماوية السابقة التي أنزلها على أنبيائه ورسله ، حيث تكفل بحفظه من التحريف والتبديل والتغيير والضياع ... الخ ، قال تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
وهو باقي مابقي الدهر ، وسيظل محفوظا مصانا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
صفحه ۱۵
أما بالنسبة لمسألة كونه مخلوقا أم قديما ؟ فهي مسألة خلافية لا علاقة لها مطلقا بما تقدم ، كما أن موضوعها لا يدور حول القرآن تحديدا وحصرا من حيث اختصاصه بالإسلام والمسلمين ، وإنما يدور أساسا حول كلام الله بوجه عام المتمثل في القرآن الكريم بشكل خاص مع إيمانهم بالطبع بالكتب السماوية السابقة له من حيث أنها كتب منزله من عند الله تعالى ، وهي كلامه سبحانه وتعالى قبل أن يجري عليها ما جرى ، فإن قيل بأن كلامه قديما أزليا كان القرآن كذلك وسائر الكتب السابقة ، وإن قيل بأنه مخلوق محدث كان القرآن كذلك وسائر الكتب السماوية أيضا .
وعليه فإن القول بأن القرآن قديم ( أو غير مخلوق ) لا يعني - كما يتصوره البعض - أن هناك مصحفا قديما مكتوبا بحرفه ونصه على النحو الذي هو بين أيدينا اليوم ، كان مع الله في الأزل ثم أنزله بعد ذلك على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك الحال بالنسبة للكتب الأخرى ، لأن ذلك مصادم تماما لعقيدة التوحيد ، باعتباره إثباتا واضحا وصارخا لقدماء آخرين مع الله ( مستقلين بذواتهم ) ، وبالتالي آلهة أخرى مع الله سبحانه وتعالى .
والقائلون بقدم القرآن - وإن كان فيه شيء من ذلك وفق ما يلزم عن قولهم كما سنبينه لاحقا - إلا أنهم لا يقولون بذلك التصور على ذلك النحو ، ولا يقصدونه بقولهم ذاك وإنما يعني أن كلام الله الذي نقرأه مكتوبا بين دفتي المصحف الذي بين أيدينا قديم أزلي ، تكلم الله به في الأزل ! قبل أن يخلق أحدا من الخلق المكلفين والمخاطبين بكلامه ذاك ، وكذلك الحال بالنسبة للكتب الأخرى وكلامه فيها الذي أنزله بعد ذلك على أنبيائه ورسله !!..
أما بالنسبة للقائلين بخلق القرآن فقد أكدوا من خلال قولهم هذا بأن كلام الله الذي نقرأه في القرآن ليس أزليا قديما ولا تكلم الله به في الأزل ، وإنما خلقه وأحدثه وفصل آياته وأحكمه وأنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
صفحه ۱۶
ناهيك عن أن القول بقدمه يلزم منه إشراك قديم آخر مع الله وبالتالي إله آخر باعتبار أن القدم من صفات الإله ، وهذا مناف لعقيدة التوحيد ، وهو محور المسألة بالنسبة للعدلية ، ذلك أن موضوعها بالنسبة لهم متعلقة بالدرجة الأولى بعقيدة التوحيد وما تقتضيه من وجوب تنزيه الله عن أن يشاركه أحد في القدم وبالتالي في الألوهية ( وسيتضح ذلك اكثر لاحقا ) .
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن الخلاف حول القرآن على هذا النحو الذي بيناه سابقا ، ترتب عليه خلاف حول إحدى صفات الله عزوجل وهي صفة التكلم بالنسبة للعدلية ، والكلام بالنسبة لمخالفيهم ، مع اتفاقهم - لفظا - على وصف الله تعالى بأنه متكلم ، غير أنهم اختلفوا في معنى كونه متكلما تبعا لخلافهم حول مسألة القرآن ، ذلك أن القول بقدم القرآن وقدم سائر كلام الله المنزل على رسله على اختلاف كتبه كان يعني أن الله سبحانه وتعالى متكلم بكلام أزلي قديم ، أي لم يزل متكلما كما لم يزل قادرا عالما !! ، وهو ما قالوه بالفعل لتصبح صفة التكلم التي عبروا عنها بالكلام من صفات الله الأزلية القديمة ، ليلحقوها بصفات الذات مثلها مثل القدرة والعلم ، وحتى لا يكون كلام الله الذي وصفوه بالأزلية والقدم شيئا مستقلا ومنفصلا عن الذات ، ما يعني وجود قديم آخر غير الله مستقل بذاته ، فقد قالوا بأن كلام الله قائم بذاته ، كما هو قولهم في سائر صفات الذات .
وعليه فإن المتكلم عندهم من قام بالكلام .
صفحه ۱۷
أما بالنسبة للقائلين بخلق القرآن فالمتكلم عندهم من فعل الكلام ، مؤكدين بأن المتكلمية كالرازقية والخالقية من صفات الفعل وليست من صفات الذات ، وأن التكلم هي الصفة أما الكلام فهو أثرها وليس هو نفسه الصفة ، وهو قائم بغير ذاته ، كونه فعلا من أفعاله يحدثه ويخلقه كيفما شاء إذا أراد مخاطبة المخلوقين كما كلم موسى عليه السلام ، وسمع موسى عليه السلام الكلام من تجاه الشجرة ، والله سبحانه لا يتكلم بآلة ولا جارحة ولا صوت ، وإنما يخلق الكلام خلقا .
هذا باختصار هو موضوع هذه المسألة ومعنى خلق القرآن وقدمه ، وهو ما أردت أن أوضحه للقارئ الكريم بداية ، وسنفصل القول في ذلك ونعرض الأدلة والإشكالات التي طرحها كل فريق أمام الآخر في الحلقات القادمة بمشيئة الله ، ولكن بعد أن نبين الأسباب الحقيقية لنشأة هذه المسألة والقول بخلق القرآن باعتباره أول القولين ظهورا .
صفحه ۱۸
] أسباب نشوء هذه المسألة وعلاقتها بالخلاف بين الإسلام
والمسيحية [
لم تكن مسألة القرآن أمخلوق أم غير مخلوق ؟ مطروحة من قبل في أوساط المسلمين ولا كان هناك ما يدعوا إلى إثارتها بينهم ، أو طرحها أو بحثها ..، ناهيك عن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يتكلم فيها ، ولا خاض فيها أحد من الصحابة ولا ورد في كتاب الله تعالى لفظ (مخلوق) صراحة في وصف القرآن فضلا عن قديم أو غير مخلوق ، وبرغم أن الله سبحانه قد وصف القرآن بأنه محدث في قوله تعالى : ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ) ، ومجعول في قوله تعالى : ( إنا جعلناه قرآنا عربيا ) ، وجعلناه : أي خلقناه ، إلا أنه كان من الطبيعي أن يفاجأ أغلب المسلمين بالقول صراحة بأن القرآن مخلوق ، ويحدث ردود أفعال عكسية لديهم ، لاسيما أن لفظ (مخلوق) بالذات قد بدا - في أذهانهم - وكأنه مناف لقدسية القرآن بل ومعارض لكونه منزلا ، ناهيك عن ارتباطه ( في وجدان العامة بسوء فهم على درجة كبيرة من الخطورة ، فمن ناحية لقد كاد يلتبس عليهم لفظ الخلق بلفظ الاختلاق ، بل إن هذا المفهوم من معاني لفظ الخلق ، وليس مجرد تشابه لفظي ) .(1)
إضافة إلى التباس آخر ( لا يقل خطورة عن السابق في أذهان العامة هو ما يلزم عن تصور المخلوق حيا أنه لابد أن يموت ، إن كل مخلوق فان ) . ) 2( .
الهوامش : -
(1 ، 2 ) الدكتور أحمد محمد صبحي ( في علم الكلام ) ج1 ص136 ،137 .
........
صفحه ۱۹
إلا أن نشوء هذه المسألة لم يكن أساسا نتيجة خلاف فكري وقع ابتداء بين فريقين من المسلمين ، ولا كان مجرد ترف فكري أو إرضاء للأهواء كما لازال يتصوره الكثيرون اليوم ويرددونه تبعا لاتهامات أسلافهم ، وإنما هو في الحقيقة - التي لازالت خافية وغائبة عن الكثيرين - نتيجة الخلاف الرئيسي بين الإسلام والمسيحية ، المتمثل في الاعتقاد بألوهية المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا افضل الصلاة وأتم التسليم ، وكان الخوض فيها من قبل فريق من علماء ومتكلمي المسلمين ضرورة فرضها واجب الدفاع عن العقيدة الإسلامية ، والحاجة الماسة إلى صياغة ثوابتها ومضامينها القرآنية المجملة ومواقفها الحاسمة من ذلك الاعتقاد بالنسبة للمسيحية ، ومن سائر المعتقدات الضالة والباطلة بالنسبة للديانات الأخرى ، صياغة فكرية كلامية وإثباتها بأدلة عقلية في مواجهة الحملة الفكرية الشرسة - الظاهرة والخافية والمتنوعة الوسائل والأساليب - التي تعرض لها الإسلام والمسلمون آنذاك من قبل أصحاب الديانات الأخرى بعد تغلبه على بلدانهم ، ودخول الكثير من أبنائها في الإسلام ، ليواجه تلك المعتقدات التي كان من بينها - فيما يخص موضوعنا - صلب العقيدة المسيحية المتمثل في الاعتقاد بألوهية المسيح عليه السلام .
صفحه ۲۰