وعلى هذا فإن الذكر الذي ورد في قوله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) يحتمل أن يكون ذكرا آخر غير القرآن !!؟ الذي أجمع عليه المسلمون كافة ، بأنه هو الذكر وهو الذي تكفل الله بحفظه ، ثم كيف يمكن أن يكون هناك ذكر آخر غير القرآن هو المحدث وليس القرآن ، مع أنهم يقولون بأن كلام بوجه عام هو قديم وأزلي وسائر كتبه قديمة أزلية؟؟!! ، ومعلوم أن ما كان بعضه محدثا كان كله محدثا ، ألا يدل هذا التخبط والتناقض على أنهم كانوا يخوضون في المسألة - لا سيما بعد انتهاء المحنة وتغلب المحدثين والحنابلة - بلافهم أو علم ، وأن العداء والتعصب المذهبي وردود الأفعال اللاواعية جعل من معارضتهم لخصومهم في مسألة خلق القرآن ومخالفتهم في الرأي هدفا في حد ذاته ، إلى حد أن القضية في أذهانهم اختزلت بدون وعي في مسألة القرآن فحسب دون سائر كلام الله وكتبه المنزلة ؟! ومن ذلك أيضا ما نقله صاحب كتاب معارج القبول عن هشام بن عبيد الله من أنه قال : ( القرآن كلام الله غير مخلوق ، فقال له رجل : أليس الله تعالى يقول : ( وما يأتيهم من ذكر ربهم من محدث) ، فقال : محدث إلينا وليس عند الله بمحدث ) ! (4) .
صفحه ۶۳