الحلقة الثالثة :-
بينا في الحلقة الماضية السبب الأساسي في نشأة مشكلة كلام الله أمخلوق هو أم قديم ؟ ورأينا كيف أن ذلك إنما كان نتيجة الخلاف الرئيسي بين الإسلام والمسيحية حول المسيح عليه السلام وما كان من استغلال النصارى آنذاك لوصف القرآن له بأنه كلمة الله دون سواه في إثارة فكرة قدم الكلمة الإلهية التي كانوا قد حكموا بقدمها ليثبتوا بذلك قدم المسيح عليه السلام وبالتالي ألوهيته ، فجاء موقف بعض علماء المسلمين ومتكلميهم الأوائل ممن واجهوا المشكلة معارضا لتلك الفكرة ونافيا لها ومؤكدا بأن كلمة الله مخلوقة محدثة سواء في دلالتها على المسيح (ع) أو على كلام الله ، ليشمل هذا القول بطبيعة الحال القرآن الكريم الذي هو كلام الله ، لتتحول بذلك المسألة إلى خلاف بين المسلمين أنفسهم ، له خصوصيته الإسلامية وأسبابه الفكرية وموضوعاته التي ترتبت عليه وإشكالاته وأدلته السمعية والعقلية والتي قدمها كل فريق لإثبات رأيه في مواجهة الرأي الآخر ، والرد علية ومحاولة إبطاله ، وهو ما كنا قد أرجأنا عرضه إلى هذه الحلقة .
........
صفحه ۲۶