حتى ترى بقلب صام مفرل
ثم إن المياسة حملت عليه وصاحت عليه صيحة عظيمة، فتلقاها بجنان ثابت، وضرب جواده بالسوط فخرج من تحته كالريح الهبوب أو كالماء إذا اندفق من ضيق الأنبوب، وتجادلا طويلا واعتركا مليا، ثم إنها بادرته بطعنة فزاغ عنها إلى تحت بطن الجواد، وهم أن يقتلعها من ظهر جوادها فلم يتمكن فلكزها بكعب الرمح فأرداها من على ظهر جوادها إلى الأرض، ثم أنشد يقول:
تأملي فعلي هل تري قط مثله
إني بيوم الروع غير جبان
وإني لكرار على سادة الورى
قريش ليوث الحرب بالجولان
برزت إلى مياسة غير عاجز
لتعلم أني أفرس الفرسان
فجندلتها في الأرض، ثم تركتها
وقد ألبستها ثوب ذل هوان (قال صاحب الحديث): ثم إن المياسة قامت وهي خجلانة متغيرة اللون مكسورة القلب باكية العين وقد مضت إلى منزلها، فتبعها أبوها وقال لها: يا بنتاه، من هذا الذي جندلك من الشجعان، وفضحك بين الرجال والأقران، فهل هو من الإنس أو من الجان؟ قالت: يا أبتاه، زوجني بهذا الفارس الذي قهرني في حومة الميدان ونكبني بين الشجعان؛ إن كان غنيا رضيته، وإن كان فقيرا أغنيته. فقال أبوها: من يكون هذا الفارس حتى أزوجك به؟
صفحه نامشخص