قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
ژانرها
وقد استرعى هذا الكتاب الأنظار لبلاغته.
وخلاصته أن فلاحا من إقليم وادي النطرون نفدت غلاله، فحمل حمره بعض نتاج قريته، وذهب إلى أهناس ليبادل بها غلالا، فمر في طريقه على حاكم بلدة فراقت الحمر بما عليها في عينه، فتعلل الحاكم بأن الحمر أكلت في طريقها بعض زراعة القمح، فضربه ضربا مبرحا، واغتصب حمره وما حملت؛ فالتجأ الفلاح إلى رئيس الحاكم فلم ينصفه، واستعظم هو وأعوانه أن ينتصفوا لفلاح من حاكم، ولكنهم عجبوا من فصاحته وقوة حجته.
وقد قص الرئيس قصته على الملك مبينا له ما منح الفلاح من قوة في الأدب وبلاغة في القول، فشاركه الملك في إعجابه، وأمره أن يبطئ في حل قضيته حتى يستخرج كل ما عنده من قول بليغ، ولكن يجري عليه ما يقيم أوده سرا.
فصاغ الفلاح في شكواه تسع خطب تتدفق معاني جليلة في مدح العدل وذم العمال بروح عصره، وأسلوب قومه، فمنها يخاطب الرئيس:
يا سيدي يا عظيم العظماء، يا أغنى الأغنياء، ومن ليس فوقه إلا عظيم أعظم، وغني أغنى ...
أليس عجيبا أن ينحرف الميزان، ويعوج المستقيم، ويختل الوزن؟
تأمل؛ إن العدل يتزلزل من تحتك، والقضاة يظلمون، ومن يشعر بالراحة يترك الناس في عناء، ومقسم الأرزاق متلف، والمكلف بالعدل يأمر بالسرقة، ومن عمله أن يقضي على الفقر يحيي الفقر!
ثم يؤنب الرئيس ويتمنى له الشر، فيقول:
ليت بيتك يخرب، وكرمك يذبل، وطيورك وماشيتك تفنى، فقد عمي البصير وصم السميع، وضل المرشد.
لقد تخطتك الرحمة، وأصبح مثلك كرسول التمساح أو «ربة الوباء».
صفحه نامشخص