Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Izz al-Din ibn Abd al-Salam d. 660 AH
77

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

ناشر

مكتبة الكليات الأزهرية

محل انتشار

القاهرة

وَأَمَّا الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى فَفِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِيهَا اخْتِلَافٌ لِغَلَبَةِ الْفُسُوقِ عَلَى الْوُلَاةِ، وَلَوْ شَرَطْنَاهَا لَتَعَطَّلَتْ التَّصَرُّفَاتُ الْمُوَافِقَةُ لِلْحَقِّ فِي تَوْلِيَةِ مَنْ يُوَلُّونَهُ مِنْ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَالسُّعَاةِ وَأُمَرَاءِ الْغَزَوَاتِ، وَأَخْذِ مَا يَأْخُذُونَهُ وَبَذْلِ مَا يُعْطُونَهُ. وَقَبْضِ الصَّدَقَاتِ وَالْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ وِلَايَتِهِمْ، فَلَمْ تُشْتَرَطْ الْعَدَالَةُ فِي تَصَرُّفَاتِهِمْ الْمُوَافِقَةِ لِلْحَقِّ لِمَا فِي اشْتِرَاطِهَا مِنْ الضَّرَرِ الْعَامِّ، وَفَوَاتُ هَذِهِ الْمَصَالِحِ أَقْبَحُ مِنْ فَوَاتِ عَدَالَةِ السُّلْطَانِ. وَلَمَّا كَانَ تَصَرُّفُ الْقُضَاةِ أَعَمَّ مِنْ تَصَرُّفِ الْأَوْصِيَاءِ وَأَخَصَّ مِنْ تَصَرُّفِ الْأَئِمَّةِ اُخْتُلِفَ فِي إلْحَاقِهِمْ بِالْأَئِمَّةِ، فَمِنْهُمْ مِنْ أَلْحَقَهُمْ بِالْأَئِمَّةِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ أَعَمُّ مِنْ تَصَرُّفِ الْأَوْصِيَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهُمْ بِالْأَوْصِيَاءِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ أَخَصُّ مِنْ تَصَرُّفِ الْأَئِمَّةِ. وَالْمَشَاقُّ فِي الشَّرْعِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ. أَحَدُهَا: مَشَقَّةٌ عَامَّةٌ مُؤَثِّرَةٌ فِي الرُّخَصِ وَالتَّحْقِيقَاتِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي تَعْطِيلِ تَصَرُّفَاتِ الْوُلَاةِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَشَقَّةٌ خَاصَّةٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَصَرُّفَاتِ الْأَوْصِيَاءِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَشَقَّةٌ بَيْنَ الْمَشَقَّتَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَصَرُّفِ الْقَضَاءِ. [فَصْلٌ فِي تَنْفِيذِ تَصَرُّفَاتِ الْبُغَاةِ وَأَئِمَّةِ الْجَوْرِ لِمَا وَافَقَ الْحَقَّ لِضَرُورَةِ الْعَامَّةِ] وَقَدْ يُنَفَّذُ التَّصَرُّفُ الْعَامُّ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ كَمَا فِي تَصَرُّفِ الْأَئِمَّةِ الْبُغَاةِ فَإِنَّهُ يُنَفَّذُ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ، وَإِنَّمَا نُفِّذَتْ تَصَرُّفَاتُهُمْ وَتَوْلِيَتُهُمْ لِضَرُورَةِ الرَّعَايَا، وَإِذَا نُفِّذَ ذَلِكَ مَعَ نُدْرَةِ الْبَغْيِ فَأَوْلَى أَنْ يُنَفَّذَ تَصَرُّفُ الْوُلَاةِ وَالْأَئِمَّةِ مَعَ غَلَبَةِ الْفُجُورِ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّهُ لَا انْفِكَاكَ لِلنَّاسِ عَنْهُمْ،

1 / 79