Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Izz al-Din ibn Abd al-Salam d. 660 AH
76

Qawa'id al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

ناشر

مكتبة الكليات الأزهرية

محل انتشار

القاهرة

إنَّمَا شُرِطَتْ فِي الْوِلَايَاتِ لِتَزَعَ الْوَلِيَّ عَنْ التَّقْصِيرِ وَالْخِيَانَةِ، وَطَبْعُ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ يَزَعُهُ عَنْ التَّقْصِيرِ وَالْخِيَانَةِ فِي حَقِّ وَلِيَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ كُفْءٍ كَانَ ذَلِكَ عَارًا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَطَبْعُهُ يَزَعُهُ عَمَّا يُدْخِلُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلِيَّتِهِ مِنْ الْأَضْرَارِ وَالْعَارِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ مَسْتُورًا صَحَّ النِّكَاحُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ اعْتِمَادًا عَلَى الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ مَعَ قُوَّةِ الْوَازِعِ، وَلَوْ كَانَ شُهُودُ النِّكَاحِ مَسْتُورِينَ صَحَّ النِّكَاحُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِغَلَبَةِ الْأَنْكِحَةِ فِي الْبَوَادِي وَالْقُرَى حَيْثُ لَا يُوجَدُ الْعُدُولُ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ فِي ذَلِكَ. وَلِلتَّعْلِيلِ بِقُوَّةِ الْوَازِعِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ؛ وَلِأَنَّ طِبَاعَهُمْ تَزَعُهُمْ عَنْ الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ الْمُضِرِّ بِهِمْ فِي حُقُوقِهِمْ، كَالدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ وَالْأَمْوَالِ، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا مِنْ عَدْلٍ، لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَزَعُهُ طَبْعُهُ عَنْ الْكَذِبِ، فَشُرِطَتْ الْعَدَالَةُ فِي الشَّاهِدِ لِتَكُونَ وَازِعَةً عَنْ الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ. وَكَذَلِكَ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِمَا يُوجِبُ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ لِأَنَّ طَبْعَهُ يَزَعُهُ عَنْ الْكَذِبِ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ أَوْ قَطْعَهُ أَوْ جَلْدَهُ. وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي وِلَايَةِ الْآبَاءِ عَلَى الْأَطْفَالِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهَا بِوِلَايَةِ النِّكَاحِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الطَّبْعِ الْوَازِعِ عَنْ التَّقْصِيرِ وَالْإِضْرَارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِضْرَارَ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ يَدْخُلُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالطَّبْعُ وَازِعٌ عَنْهَا. وَأَمَّا فِي وِلَايَةِ الْمَالِ فَإِنَّ طَبْعَهُ يَزَعُهُ عَنْ الْإِضْرَارِ بِالطِّفْلِ لِأَجْلِ غَيْرِهِ وَلَا يَزَعُهُ عَنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، فَإِنَّ طَبْعَهُ يَحُثُّهُ عَلَى تَقْدِيمِ نَفْسِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَحْفَادِهِ، فَتُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِيهِ لِتَكُونَ وَازِعَةً عَنْ التَّقْصِيرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِلَى غَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ اتِّفَاقًا لِقُوَّةِ الدَّاعِي، وَاخْتُلِفَ فِي شَهَادَتِهِ لِوَالِدَيْهِ وَأَوْلَادِهِ. وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَتُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ لِضَعْفِ الْوَازِعِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَالْخِيَانَةِ بِخِلَافِ الْأَبِ.

1 / 78