لقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -:» بعثت بإراقة الخمر «(1)، فدل على أنها محرمة بعينها لا يجوز الاستنفاع بها ولا بجميع فضلاتها من الخل والدردي وغيره؛ وقد زعم قوم أن الخمر ليست بنجسة، وأظن قولهم إنما أخذ من جهة الشدة المطربة إذا حلت فيها صارت محرمة، وإذا ارتفعت ارتفع حكمها، والله أعلم.
و أما العشر المختلف فيها فهي: القيء، و أبوال ما يؤكل لحمه من البهائم، والفرث،
و ذو ناب من السباع، وذو مخلب من الطير، والهر، والكلب المعلم، والمشرك، وعرق السكران، والجلال من البهائم، وما كان في معناه.
أما القيء: فزعم قوم أنه طاهر قياسا على البلغم، واتفق أصحابنا على نجاسته لأنه ينقض الوضوء، لقول الرسول - عليه السلام -:» من قاء أو قلس فليتوضأ «(2)، والمؤثر في نقض الطهارة هو النجس والأفعال المحظورة في الشرع؛ وكذلك القلس إذا وصل إلى الفم أو الموضع المحكوم عليه فيه أنه ينجس، وينقض الوضوء، ويعصي من بلعه، وأما إذا لم يبلغ حد الفم فلابأس به، والله أعلم.
--------------------
قوله ليست بنجسة: أي لعينها.
__________
(1) - في أ وب: لقول النبيء - عليه السلام -. والحديث لم نقف عليه، وقد تقدم نحوه في ص:25.
(2) - أخرجه الربيع بن حبيب، باب ما يجب منه الوضوء، رقم: 109 (1/ 33)؛ وأورده بنفس اللفظ ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" (4/ 100) ولم يعزه، وأخرجه بلفظ: ... » من قلس أو قاء أو رعف فلينصرف فليتوضأ وليتم على صلاته «الدارقطني في سننه، رقم: 14 (1/ 154)؛ ورواه باختلاف في لفظه وزيادة: ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، رقم: 1211؛ والبيهقي في الكبرى، رقم: 652 (1/ 142)، والدراقطني في سننه، رقم: 11 (1/ 153)؛ وابن عدي في الكامل، رقم: 127، (1/ 291).
صفحه ۳۲