.. .... .... .... .... .... .... .... .... ....
--------------------
ذلك من الحشيشة والحيدرية والقلندرية والأفيون والبنج والسيكران وجوزة الطيب والزعفران والعنبر فلم أر من تعرض من أصحابنا لطهارتها ولا لنجاستها، ولا لتحليلها ولا لتحريمها؛ إلا الزعفران فإن الشيخ عامر -رحمه الله- ذكر في باب المياه أنه طاهر (1)، ولعله أنه لا يسلم أنه مسكر، أو أنه يجوز تعاطي القدر الغير المسكر [منه] (2) في الأكل والكثير في غيره؛ وأما غير أصحابنا فإن متأخريهم اختلفوا في تعاطي القدر اليسير الذي لا يغطي العقل، والأصح التحريم، لكنهم أجمعوا على أنها طاهرة وأنه لا يلزم من التحريم النجاسة؛ وانظر ما حكم هذه الأشياء عند أصحابنا؟ والظاهر أنه كذلك، وأن المراد بقول الشيخ -رحمه الله- وكذلك كل مسكر أي:
كل مسكر إسكارا خاصا، والذي يدل على ذلك قوله عند الجمهور من علماء الأمة، فإنه لا شك أنه شامل لعلماء المخالفين أيضا، وهم قد أجمعوا على طهارة هذه الأشياء، فلو أخذنا بعموم قوله وكذلك كل مسكر ولم نحمله على ما تقدم للزم أن يسند إليهم القول بنجساتها وهو خلاف الواقع؛ وإذا قلنا بأنها طاهرة فهل يجوز استعمال القدر الغير المسكر كما قال بعضهم، أو لا يجوز وأنه لا يلزم من الطهارة الإباحة كما قال البعض الآخر؟ وهو الأصح، والظاهر أن هذا إنما هو بالنسبة إلى الأكل، والله أعلم، فليحرر جميع ذلك (3).
__________
(1) - الإيضاح، 1/ 108.
(2) - زيادة من ب.
(3) - حرر ذلك القطب اطفيش -رحمه الله- في رسالة خاصة فصل فيها الحديث عن حكم المسكرات عامة، إذ صحح طهارة ما يسكر أو يفتر أو يغير العقل من النباتات المذكورة، وصرح بأن ذلك مذهب الإباضية والشافعية. فلا ينتقض وضوء من مسها، ويجوز تفريشها والصلاة عليها وإيقاد حطبها للطبخ والتسخين؛ أما المحرم من هذه النباتات فهو أكلها أو شربها فلا يجوز ذلك ولو كان للتداوي، قليلها ككثيرها؛ خلافا لبعض المشارقة من الإباضية إذ أجازوا التداوي بها من غير الأكل كالقطر في الأذن والعين والضمد، وبيعها لأجل ذلك مع اشتراط عدم الريبة. وخطأ القطب اطفيش= =البرزلي وابن فرحون-من فقهاء المالكية- لإجازتهما تعاطي القدر القليل من هذه النباتات للتداوي كالهضم وتسخين الدماغ وغيرها من المنافع، وقال: إن المسكر والمفتر يحرم قليلهما وكثيرهما، وهما كالخمر. (القطب اطفيش، رسالة في حكم الدخان والسعوط،
6 - 28؛ شرح الدعائم، 1/ 278؛ الذهب الخالص، 87؛ مجموعة الجوابات، 24، مخطوط).
صفحه ۳۰