وشدد أصحابنا في القمل إذا كان أصله من بني آدم، على أن بعضهم شدد في قمل الحيوان والأنعام أيضا، والله أعلم.
وأما الخنزير: فمجمع على تحريمه ونجاسته بجميع أجزائه من اللحم والشحم والعظم والعصب واللبن والجلد، لأنه لا تصح فيه الذكاة، لقوله تعالى: {أو لحم خنزير فإنه رجس} [الأنعام: 145]، فرد الهاء إليه فصح أنه محرم بالكلية، ...
--------------------
-رحمه الله- يدل على طهارة دم الشهداء، وأن الحديث خصه من العموم فليراجع (1).
قوله فرد الهاء إليه: أي إلى الخنزير لأنه أقرب مذكور، لكن الغالب رد الضمير إلى المضاف إلا لقرينة لأن المضاف إليه إنما جيء به لتقييد المضاف، وبعضهم رد الضمير إلى المضاف على الأصل، ولا يلزم من إرجاع الضمير إلى اللحم أن يكون خاصا بالتحريم وإن ما عداه من الأجزاء طاهر، لأنه إنما خص اللحم لأنه معظم ما يؤكل من الحيوان وسائر أجزائه كالتابع له،
والله أعلم.
__________
(1) - جاء في إحدى روايات الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في شهداء بدر:» زملوهم بدمائهم فإنه ليس كلم يكلم في سبيل الله إلا يأتي يوم القيامة يدمي، لونه لون الدم وريحه ريح المسك «، (رواه النسائي وأحمد والشافعي)؛ والتحقيق أنه لا دليل في روايات هذا الحديث على طهارة دم الشهداء، بل الذي يدل عليه هو تخصيص الشهداء بعدم الغسل.
وغسل الميت أمر تعبدي لم يشرع لنجاسته، فإن الميت مأمور بغسله سواء كان طاهرا قبل موته أو نجسا. وتخصيص الشهداء بعدم الغسل لئلا يذهب شيء من دمهم، فإن دفنهم بدمهم أفضل لهم، وهو كرامة لهم يوم القيامة كما في الحديث. وطهارة دمهم هي في حقهم لا لغيرهم، وقد صحح القطب اطفيش والإمام السالمي عدم طهارة دم كل من الشهداء والبغاة والمبغي عليهم بناء على ما ذكر. (ينظر: القطب اطفيش، شرح النيل، 1/ 416؛ السالمي، معارج الآمال، 3/ 304).
صفحه ۲۴