وأما الدم المسفوح: فمتفق أيضا على نجاسته وتحريمه لقوله تعالى:
{أو دما مسفوحا} [الأنعام: 145]، إلا ما خصته السنة من قول النبيء - عليه السلام -:
» أحلت لكم ميتتان ودمان، فالميتتان الجراد والسمك، والدمان الكبد والطحال «(1)؛ واختلف في ذكاة الجراد، فقيل ذكاته التسمية عليه حين يطبخ أو يشوى ، وقيل غير ذلك من قطف رؤوسه، والله أعلم.
واختلف في القليل من الدم الذي لم يكن مسفوحا، وفي الرشاش الذي لو اجتمع لم يفض، فقيل لا ينجس ولا ينقض الوضوء، وقيل الشيء النجس بعينه لا يتبعض، ولقوله: {حرمت عليكم الميتة والدم} [المائدة: 03] عموما في كل دم؛ ...
--------------------
قوله واختلف في ذكاة الجراد ... الخ: فيه نظر من وجهين، أما أولا: فكيف يجعلها محتاجة إلى الذكاة مع قوله - صلى الله عليه وسلم -:» أحل لكم ميتتان ... «، فإن ما تحل ميتته لا يحتاج إلى الذكاة؛ وأما ثانيا: فكيف يسمي ما ذكر ذكاة، والله أعلم.
قوله وفي الرشاش: أي من الدم، لأنه هو الذي وقع الخلاف في قليله هل هو نجس أم لا، وأما غير الدم من النجاسات فمتفق على أن كثيره وقليله نجس. نعم اختلفوا هل يعفى عن القليل من غير الدم كما يعفى عن القليل منه أو لا، والله أعلم.
قوله ولقوله: {حرمت عليكم} ... الخ: فيه أن هذا العموم معارض بالتخصيص في قوله تعالى: {أو دما مسفوحا} [الأنعام: 145]، فإن الغالب أنه إذا ورد الحكم في محل مطلقا وفي محل مقيدا يكون ذلك القيد مراعى في المطلق إذا كان الحكم واحدا، ونظير ذلك قوله تعالى في قصة الريح التي أرسلها على عاد، فإنه قال في آية:
{تدمر كل شيء} [الأحقاف:25] فأطلق، وقال في آية أخرى:
__________
(1) - تقدم تخريجه قريبا بصفحة: 20.
صفحه ۲۲