129

وكره آخرون ذلك، وذكر عن الربيع بن حبيب -رحمه الله- أنه قال: لا يكون عملان بماء واحد؛ وذكر عن جابر بن زيد -رحمه الله- أنه كره أن يغسل الرجل رأسه في الإناء ثم يفيض الماء على جسده، كأنه يذهب إلى أنه لا يجزيه. ومن ترك مسح رأسه حتى صلى فعليه إعادة الوضوء والصلاة ناسيا كان أو متعمدا.

--------------------

قوله أنه كره أن يغسل إلى قوله ثم يفيض الماء: أي الماء الذي غسل فيه رأسه، ووجه الاستدلال به أن الماء المستعمل لا يجزي في الطهارة، وإلا فهذا في الاغتسال لا في مسح الرأس؛ ثم الظاهر أنه حمل الكراهة على غير بابها حيث قال: كأنه يذهب إلى أنه لا يجزيه لأن المكروه في تركه ثواب وليس في فعله عقاب.

قوله ومن ترك مسح رأسه ... الخ: لا مفهوم لمسح الرأس فإن سائر أعضاء وضوئه كذلك.

قوله حتى صلى: مفهومه أنه لو لم يصل لا يكون الحكم كذلك، وهوكذلك فإنه في صورة النسيان تارة يتذكر قبل الفراغ وتارة بعده، فإن تذكر قبل الفراغ فإنه يقصد إليه وحده، فإن الترتيب عندنا واجب خصوصا مع النسيان مالم يقصد المتطهر خلاف السنة، وإن تذكر بعد الفراغ فتارة يتذكر قبل جفاف أعضائه وتارة بعده، فإن تذكر قبله قصد إليه وحده أيضا، على المختار من أن الترتيب غير واجب، وإن تذكر بعده فمن عذره في النسيان وجعل الترتيب غير واجب -وهو الصحيح- قال: يقصد إلى العضو وحده، ومن لم يعذره في النسيان بعد الجفاف قال: يعيد الوضوء، كل ذلك يؤخذ من كلام "الإيضاح" (1)، وظاهره سواء صلى أو لم يصل، ولعله يقيد بما إذا لم يصل، أخذا من كلام المصنف -رحمه الله-.

__________

(1) - عامر بن علي الشماخي، 1/ 88.

صفحه ۱۲۹