فصل
والأسباب الموجبة لمحبة الله تعالى لعبده - بعد مشيئته أيضا - ما سبق ذكره ، ويحصل كمالها بمشيئة الله تعالى بتحقيق التوبة ظاهرا وباطنا، في الحركات والخطرات، قال الله تعالى: (ان الله يحب التوابين) ، وبالعدل في الظاهر والباطن، فيما يقوله ويفعله، ويخطر له، قال الله تعالى : (وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) وبالصبر على مكروهات الأوامر والنواهي، قال الله تعالى : (وألله يحب الصابرين)، وبا لإحسان ظاهرا وباطنا، وهي مرتبة فوق العدل، كما قال تعالى: (إن الله يأمر بالعدل واالإحسان) ، وهو الإحسان الزائد على ما يجب شرعا، في الأقوال والأفعال والهموم والخواطر، بينه وبين ربه، وفيما بينه وبين العباد، قال الله تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين).
ثم من الأسباب : التوجه إلى حصول محبة الله تعالى له ، ومن كان متوجها إلى ذلك، فإنه يطلب مراضي من يطلب محبته له بكل ممكن، ويتجنب مساخطه، ويحفظ دبيب الخواطر في سره حذرا أن يجري فيها مكروه، فيمقت، ولا تحصل له المحبة منه، بذلك المكروه، فهو أبدا يعمل على طهارة القلب عن الأدناس، ويسارع إلى مراضي الرب تعالى بكل ممكن، فإذا فتح الله له بهذه الهمة، وبهذه الأعمال، ورزق دوام الاستعانة بمولاه على حصول هذه المرتبة، ومضت عليه الأيام والشهور والأعوام، ووجده قائما فيها بالأوامر، متتهيا عن الزواجر ، طاهر السر عن الهيئات المؤخرة المبعدة ، لا يوجد
صفحه ۵۹