وبدأ بين الشابين اللذين يليان أمر المشرق والمغرب أمر ترك كلا منهما، وليس له فكر إلا في صاحبه.
وخلا خمارويه بوزرائه وأصحاب مشورته يبادلهم الرأي في أمره وأمر المعتضد بن الموفق، وقال له مشيره: «لا عليك يا مولاي من أمره، إن هو إلا ولي العهد، وإنك لوثيق الصلة بالخليفة، وهو ولي الأمر وصاحب السلطان.»
واطمأن خمارويه هونا ما، ولكن البريد لم يلبث أن جاءه من بغداد بوفاة الخليفة المعتمد على الله، والبيعة لولي عهده أبي العباس المعتضد بالخلافة، وقد صار إليه كل شيء في الدولة! •••
وطال حديث خمارويه إلى نفسه، وطال حديثه إلى وزرائه وأصحاب مشورته، وأرق ليالي لا يغمض له جفن، وراح يلتمس هدوء النفس بين الحظايا والقيان وفي دار الذهب، وعند رحبة السباع، وفي قبة الهواء، وعلى أرجوحته الرجراجة في بركة الزئبق، وفي الصيد والطرد، ولكن ذلك كله لم يجد عليه شيئا ولم يلهمه الرأي، وألهمته ابنته قطر الندى ...
وكانت قطر الندى بنت خمارويه قد كبرت، وبلغت شأوا، ونضجت عقلا وأنوثة ...
واجتمع خمارويه بخاصته وأصحابه فأفضى إليهم بما اجتمع عليه رأيه، فكلهم قد رضيه ورآه صوابا، وكان في المجلس أبو عبد الله الحسين بن الجصاص الجوهري، وكان قد دنا وحظي وبلغ من نفس الأمير منزلة أصحاب المشورة.
وبات خمارويه على نية وأصبح على عمل ...
الفصل الثالث
عروس من القاهرة
1
صفحه نامشخص