قصر آل العظم في دمشق
قصر آل العظم في دمشق
ژانرها
عدا ما أجرى من الخيرات والمبرات في مكة والمدينة وبقية المدن التي تولى شئونها، وأهمها داره في دمشق وخانه قربها.
4
وصف القصر العظمي العام وطريقة بنائه
إذا انحدرت في سوق البزورية إلى آخرها، تجد على يمينك زقاقا مرصوفا موصلا إلى الدار العظمية الفخمة، وهي ذات باب كبير برتاج إلى الغرب، ومنه يدخل إلى تلك العجائب المدهشة في الزخارف والإتقان والهندام، وحول المدخل غرف ذات ثلاث طبقات كلها مزخرفة السقوف والجدران، مرصوفة بالفسيفساء ومزدانة بالنقوش البديعة، ثم تجد أمامك إلى الشرق فسحة مهمة، وإلى يمينها لجهة الجنوب القاعة الكبرى التي هي أجمل تلك الدار هندسة وروائع نقوش وبدائع أصباغ ومحاسن ترتيب، وتعرف باصطلاحهم الفارسي (بالخركاه)؛ أي المثلثة لشكل هندستها المثلث، وقربها الحمام وغرفه البديعة، وفي الشرق غرف مرتبة، وكذلك في الشمال إلى يسار الداخل، حيث هناك غرف وراءها المطبخ العظيم، وهو أشبه بدار تحته قبو عظيم يقال إنه كان سجنا.
وفي تلك الغرف والفسحة رتبت آثار قديمة من تماثيل أسد ضخم وجد في الشيخ سعد وهو حثي مكسور، وتماثيل أشخاص بعضها مشوه، وحيوانات أخرى من أسد وعجول، وأبواب حجرية للمقابر والبيوت، على بعضها صور ناتئة من الحجر الأسود (الحري) الحوراني، ومذابح وتيجان أعمدة وقواعدها وكتابات. وفي الداخل آثار آنية زجاجية وخزفية ومعدنية على بعضها كتابات، وبينها قطع مكسرة مما وجده المسيو دي لوري في الباب الشرقي عندما حفر فيه وفي محلة حنانيا، وهناك قطع من البسط والسجاد القديم والأقمشة النفيسة المطرزة، وقد فرش بعض الغرف فرشا شرقيا وزينها ببعض الأسلحة والأدوات، ووضع سجلا للزائرين يدونون فيه أسماءهم، وتباع فيها رسوم دمشق والقصر.
وقد حدثني بعض الشيوخ المعمرين الدمشقيين نقلا عن أسلافهم أخبارا غريبة عن بناء هذه الدار، وما جرى للبنائين الحلبيين الذين استقدموا لمساعدة الدمشقيين في هندستها، وتفوق الدمشقيين عليهم بهندسة البناء وإحكامه، وكيف أن الأساس حفر وسد بالحجارة وترك سنة كاملة حتى استقر ورصت حجارته فاستؤنف البناء عليه. ومما روي لي أن أجرة البناء اليومية كانت نحو عشرة قروش، وأجرة الفاعل نحو ثلاثة قروش، وبقي العمال يشتغلون فيها إحدى عشرة سنة، وقد أهملت هذه الدار منذ نحو ثلاثين سنة ونيف، وخرب حمامها وقسم من أبنيتها العلوية، ودرست بعض محاسنها، وكان فيها ثلاثمائة وستون غرفة سفلية وعلوية.
وقال الشيخ أحمد البديري الحلاق في تاريخه المخطوط بخزانتي في سنة 1163ه ما نصه ببعض ألفاظه العامية:
وفي تلك الأيام أخذ الوزير أسعد باشا دار معاوية رحمه الله، وأخذ ما حولها من الخانات والدور والدكاكين وهدمهم، وشرع في عمارة داره السرايا المشهورة التي هي قبلي جامع الأموي، وجد واجتهد في عمارتها ليلا ونهارا، وقطع لها من جملة الخشب اثني عشر ألف خشبة، وذلك ما عدا الذي أرسلوه له أكابر البلد والأعيان من الأخشاب وغيرها، ورسم على حمامات البلد أن لا يباع القصرمل
1
لأحد، بل يرسل لعمارة السرايا، واشتغلت بها غالب معلمي البلاد ونجاريها وكذلك الدهانين، بل قل أن يوجد معلم متقن أو نجار أو دهان كذلك إلا والجميع مشتغلون بها، وجلب لها البلاط من غالب بيوت المدينة أينما وجدوا بلاطا أو رخاما أو غير ذلك مثل عواميد وفساقي
صفحه نامشخص