ولما مات شيخه وخرج إلى الحج لم يفته الأخذ عن علماء تلك الديار فأخذ عن علماء ينبع وجدة والطور ومكة والمدينة، ثم ارتحل إلى حلب فسمع وروى، ورحل كذلك إلى غزة والمجدل والرملة وإلى بيت المقدس ونابلس ودمشق وبعلبك وحمص وحماة والمعرة وجبرين وطرابلس والمزة وداريا. ويبلغ عدد من سمع منهم في هذه الرحلات نحو مائة نفس، ويزيد عدد البلدان والأماكن التي سمع فيها على الثمانين. وفي هذه البلدان أملى كثيرًا من مؤلفاته ورواها عنه العلماء وأجازهم وأجازوه واجتمع له من المرويات بالسماع والقراءة بمصر وغيرها الشيء الكثير. ولم تذكر المصادر أنه رحل إلى العراق أو بلاد فارس والهند أو ما وراء النهر أو بلاد المغرب أو غيرها من بلاد العالم الإِسلامي، والسبب والله أعلم أن تلك البلاد خارجة عن حكم دولة المماليك، أو لبعد تلك البلاد، أو لعدم أمن الطريق بسبب الفتن الكثيرة التي حصلت في العالم الإِسلامي بسبب حروب التتار والمغول والصليبيين ومحاولة الدولة العثمانية التوسع في العالم الإِسلامي والله أعلم (١).
* المبحث الثالث: مشايخه وتلاميذه:
سمع السخاوي ﵀ من عدد كبير جدًّا من المشايخ، فقد سمع في مصر عن نحو أربعمائة شيخ، وسمع في رحلاته من نحو مائة شيخ إلا أن أعظم من أخذ عنه من مشايخه ابن حجر ﵀.
قال الشوكاني: (وقد غلبت عليه محبة شيخه الحافظ ابن حجر فصار لا يخرج عن غالب أقواله كما غلبت على ابن القيم محبة شيخه ابن تيمية، وعلى الهيثمي محبة شيخه العراقي) (٢).
_________
(١) "الضوء اللامع": (٧/ ٨ - ٩).
(٢) "البدر الطالع": (٢/ ٨٧).
مقدمة / 34