على كثير من علماء بلده في ذلك الزمان منهم العلم صالح البلقيني، وأخذ الفرائض والحساب والميقات وغيرها عن الشهاب ابن المجد، وأخذ عن غير هؤلاء كثير مما ذكره هو عن نفسه في ترجمته في "الضوء اللامع".
وكان في أثناء ذلك قد تعرف على الحافظ ابن حجر ﵀ وعمره ثمان سنوات، وكان أبوه يأخذه للإستماع ليلًا من ابن حجر، فسمع منه حديثًا كثيرًا، ثم لما حصَّل ما حصَّل من العلوم من المشايخ انقطع بكليته للحافظ ابن حجر ولازمه ملازمة تامة وداوم الملازمة لشيخه حتى حمل عنه علمًا جمًّا واختص به كثيرًا، بحيث كان من أكثر الآخذين عنه وأعانه على ذلك قرب منزله منه، فكان لا يفوته مما يقرأ عليه إلا النادر وينفرد عن سائر الجماعة بأشياء. وقد علم شيخه ابن حجر ﵀ شدة حرصه على الأخذ منه فكان يرسل خلفه أحيانًا بعض خدمه لمنزله يأمره بالمجيء للقراءة. وهكذا نجد حياة السخاوي ﵀ مليئة بطلب العلم والحرص على الأخذ من العلماء مما أثر ذلك على شخصيته العلمية القوية وعلى كثرة تأليفه (١).
* المبحث الثاني: رحلاته:
مع كثرة ما حصله السخاوي ﵀ في بلده من السماعات على العلماء في شتى الفنون إلا أنه حرص على الإستفادة من العلماء الموجودين في العالم الإِسلامي في ذلك الوقت ولذلك رحل كثيرًا للسماع منهم. وأول رحلاته كانت إلى المدن المصرية خارج القاهرة فسافر إلى منوف ودمياط وفيشا الصغرى وبلبيس والمنصورة والمحلة ورشيد والإسكندرية، وغيرها من مدن مصر، فأخذ عن نحو خمسين من العلماء والمسندين في تلك البلاد.
_________
(١) ملخصه من ترجمته لنفسه في "الضوء اللامع": (٧/ ٢)، و"شذرات الذهب": (٧/ ١٥)، و"الكواكب السائرة": (١/ ٥٤).
مقدمة / 33