سكران سكر هوى وسكر مدامة ... ومتى أفاقة من به سكران
ومعلوم أنه في حال السكر والفناء تنقص المعرفة والتميز ويضطرب العقل والعلم فيحصل في ضمن ذلك من الاعتقادات والتخيلات الفاسدة ما هو من جنس العشق الذي فيه فساد الاعتقاد
وهؤلاء محمودون على ما معهم من محبة الله والأعمال الصالحة والإيمان به وأما ما معهم من اعتقاد فاسد وعمل فاسد لم يشرعه الله ورسوله فلا يحمدون على ذلك لكن إن كانوا مغلوبين على ذلك بغير تفريط منهم ولا عدوان كانوا معذورين وإن كان ذلك لتفريطهم فيما أمروا به وتعديهم حدود الله فهم مذنبون في ذلك مثل ما يصيب كثيرا ممن يهيج حبه عند سماع المكاء والتصدية والأشعار الغزلية فتتولد لهم أنواع من الاعتقادات والإرادات التي فيها الحق والباطل وقد يغلب هذا تارة وهذا تارة
فباب محبة الله ضل فيه فريقان من الناس فريق من أهل النظر والكلام والمنتسبين إلى العلم جحدوها وكذبوا بحقيقتها
وفريق من أهل التعبد والتصوف والزهد أدخلوا فيها من الاعتقادات والإرادات الفاسدة ما ضاهوا بها المشركين
فالأولون يشبهون المستكبرين وهؤلاء يشبهون المشركين
ولهذا يكون الأول في أشباه اليهود ويكون الثاني في أشباه النصارى
وقد أمرنا الله تعالى أن نقول ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾
1 / 59