له المعشوق على خلاف ما هو به حتى يصيبه ما يصيبه من داء العشق ولو أدركه على الوجه الصحيح لم يبلغ إلى حد العشق وإن حصل له محبة وعلاقة
ولهذا يقول الأطباء العشق مرض وسواسي شبيه بالمالنخوليا فيجعلونه من الأمراض الدماغية التي تفسد التخيل كما يفسده المالنخوليا
وإذا كان الأمر كذلك امتنع في حق الله من الجانبين فإن الله بكل شيء عليم وهو سميع بصير مقدس منزه عن نقص أو خلل في سمعه وبصره وعلمه والمحبون له عباده المؤمنون الذين آمنوا به وعرفوه بما تعرف به إليهم من أسمائه وآياته وما قذفه في قلوبهم من أنوار معرفته فليست محبتهم إياه عن اعتقاد فاسد
لكن قد يقال إن كثيرا ممن يكون فيه نوع محبة الله قد يكون معها اعتقاد فاسد إذ الحب يستتبع الشعور لا يستلزم صريح المعرفة لا سيما من كان من عقلاء المجانين الذين عندهم محبة لله وتأله وفيهم فساد عقل فهؤلاء قد يصيب أحدهم ما يصيب العشاق في حق الله ومعهم حب شديد ونوع من الاعتقاد الفاسد
وكثيرا ما يعتري أهل المحبة من السكر والفناء أعظم ما يصيب السكران بالخمر والسكران بالصور كما قال تعالى: في قوم لوط ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ فالحب له سكر أعظم من سكر الشراب كما قيل
1 / 58