Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٤١ هـ
محل انتشار
السعودية
ژانرها
وَلهَذَا كَانَت لَا إلَهَ إلَّا اللهُ أَحْسَنَ الْحَسَنَاتِ، وَكَانَ التَّوْحِيدُ بِقَوْلِ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ رَأْسَ الْأَمْرِ.
فَأَمَّا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْخَلْقُ، وَقَرَّرَهُ أَهْلُ الْكَلَامِ: فَلَا يَكْفِي وَحْدَهُ، بَل هُوَ مِن الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوة وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.
فَلَيْسَ فِي الْكَائِنَاتِ مَا يَسْكُنُ الْعَبْدُ إلَيْهِ ويطْمَئِنُّ بِهِ، ويتَنَعَّمُ بِالتَّوَجهِ إلَيْهِ إلَّا اللهُ سُبْحَانَهُ.
وَمَن عَبَدَ غَيْرَ اللهِ وَإِن أَحَبَّهُ وَحَصَلَ لَهُ بِهِ مَوَدَّة فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَنَوْعٌ مِن اللَّذَّةِ: فَهُوَ مَفْسَدَة لِصَاحِبِهِ أَعْظَمُ مِن مَفْسَدَةِ الْتِذَاذِ أَكْلِ طَعَامِ الْمَسْمُومِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فَقْرَ الْعَبْدِ (^١) إلَى اللهِ أَنْ يَعْبُدَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئا: لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فَيُقَاسُ بِهِ، لَكِنْ يُشْبِهُ مِن بَعْضِ الْوُجُوهِ حَاجَةَ الْجَسَدِ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَبَيْنَهُمَا فُرُوقٌ كَثِيرَة.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ مَبْنِيٌّ عَلَى أصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى أَنَ نَفْسَ الْإِيمَانِ باللهِ وَعِبَادَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وإِجْلَالَهُ هُوَ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ وَقُوتُهُ وَصَلَاحُهُ وَقِوَامُهُ كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقرْآنُ، لَا كَمَا يَقُولُ مَن يَعْتَقِدُ مِن أَهْلِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِمْ أَنَّ عِبَادَتَهُ تَكْلِيفٌ وَمَشَقَّةٌ، وَخِلَافُ مَقْصُودِ الْقَلْبِ لِمُجَرَّدِ الِامْتِحَانِ وَالِاخْتِبَارِ، أَو لِأَجْلِ التَّعْوِيضِ بِالْأجْرَةِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُم؛ فَإِنَّة وَإِن كَانَ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا هُوَ عَلَى خِلَافِ هَوَى النَّفْسِ -وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَأْجُرُ الْعَبْدَ عَلَى الْأَعْمَالِ الْمَأمُورِ بِهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ- فَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْأَوَّلَ بِالْأَمْرِ الشَّرْعِي، وَإِنَّمَا وَقَعَ ضِمْنًا وَتَبَعًا؛ وَلهَذَا لَمْ يَجِئْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ السَّلَفِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ عَلَى
(^١) أي: حاجة العبد.
1 / 104