Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٤١ هـ
محل انتشار
السعودية
ژانرها
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ﴾ الآيَةَ [البينة: ٥]، وَنَظَائِرُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِير، وَكَذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ، وَكَذَلِكَ فِي إجْمَاعِ الْأمَّةِ لَا سِيَّمَا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ مِنْهُم، فَإِنَّ هَذَا عِنْدَهُم قُطْبُ رَحَى الدِّينِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ.
وَنبيِّنُ هَدَا بِوُجُوهٍ ..:
أَحَدُهَا: أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْمَدْعُوَّ الْمَطْلُوبَ، وَهُوَ الْمُعِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَمَا سِوَاهُ هُوَ الْمَكْرُوهُ، وَهُوَ الْمُعِينُ عَلَى دَفْعِ الْمَكْرُوهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْجَامِعُ لِلْأُمُورِ الأَرْبَعَةِ دُونَ مَا سِوَاهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾؛ فَإِنَّ الْعُبُودِيَّةَ تَتَضَمَّنُ الْمَقْصُودَ الْمَطْلُوبَ، لَكِنْ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، وَالْمُسْتَعَانُ هُوَ الَّذِي يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ.
فَالْأوَّلُ: مِن مَعْنَى الْألُوهِيَّةِ.
وَالثانِي: مِن مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ.
إذ الْإِلَهُ: هُوَ الَّذِي يُؤَلَّهُ فَيُعْبَدُ مَحَبَّةً وَإِنَابَةً وَإِجْلَالًا، وَإِكْرَامًا، وَالرَّبُّ: هُوَ الَّذِي يُرَبِّي عَبْدَهُ فَيُعْطِيهِ خَلْقَهُ ثُمَّ يَهْدِيهِ إلَى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ مِن الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا.
الْوَجْة الثَّانِي: أَنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ الْجَامِعَةِ لِمَعْرِفَتِهِ، وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَالْإِخْلَاصِ لَهُ.
فَبِذِكْرِهِ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ، وَبِرُويَتِهِ فِي الْآخِرَةِ تَقَرُّ عُيُونُهمْ، وَلَا شَيءَ يُعْطِيهِمْ فِي الْآخِرَةِ أَحَبُّ إلَيْهِم مِن النَّظَرِ إلَيْهِ، وَلَا شَئءَ يُعْطِيهِمْ فِي الدُّنْيَا أَعْظَمُ مِن الْإِيمَانِ بِهِ.
وَحَاجَتُهُم إلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِمْ إيَّاهُ وَتَأَلُّهِهِمْ: كَحَاجَتِهِمْ وَأَعْظَمَ فِي خَلْقِهِ لَهُمْ، وَرُبُوبِيَّتِهِ إيَّاهُمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْغَايَةُ الْمَقْصُودَةُ لَهُمْ، وَبِذَلِكَ يَصِيرُونَ عَامِلِينَ مُتَحرِّكِينَ، وَلَا صَلَاحَ لَهُم وَلَا فَلَاحَ وَلَا نَعِيمَ وَلَا لَذَّةَ بِدُونِ ذَلِكَ بِحَالِ.
1 / 103