Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٤١ هـ
محل انتشار
السعودية
ژانرها
رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)﴾ [الإسراء:٥٦، ٥٧].
فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا يُدْعَى مِن دُويهِ لَا يَمْلِكُ كَشْفَ ضُرٍّ وَلَا تَحْوِيلَهُ، وَأَنَّهُم يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويخَافُونَ عَذَابَهُ وَيَتَقَرَّبُونَ إلَيْهِ.
فَهُوَ -سُبْحَانَهُ- قَد نَفَى مَا مِن الْمَلَائِكَةِ وَالْأنْبِيَاءِ إلَّا مِن الشَّفَاعَةِ بِإِذْنِهِ، وَالشَّفَاعَةُ هِيَ الدُّعَاءُ.
وَلَا ريبَ أَنَّ دُعَاءَ الْخَلْقِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضِ نَافِعٌ، وَاللهُ قَد أَمَرَ بِذَلِكَ، لَكِنَّ الدَّاعِيَ الشَّافِعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ وَيَشْفَعَ إلَّا بِإِذْنِ اللهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَا يَشْفَعُ شَفَاعَةً نُهِيَ عَنْهَا؛ كَالشَّفَاعَةِ لِلْمُشْرِكِينَ وَالدُّعَاءِ لَهُم بِالْمَغْفِرَةِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣)﴾ [التوبة: ١١٣]
وَقَد قَالَ تَعَالَى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥)﴾ [الأعراف: ٥٥]-فِي الدُّعَاءِ-.
وَمِن الِاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ:
أ - أَنْ يَسْألَ الْعَبْدُ مَا لَمْ يَكُن الرَّبُّ لِيَفْعَلَهُ؛ مِثْلُ: أَنْ يَسْألَهُ مَنَازِلَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، أَو الْمَغْفِرَةَ لِلْمُشْرِكِينَ وَنَحْو ذَلِكَ.
ب- أَو يَسْأَلَهُ مَا فِيهِ مَعْصِيَةُ اللهِ؛ كَإِعَانَتِهِ عَلَى الْكفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ.
فَالشَّفِيعُ الَّذِي أَذِنَ اللهُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ: شَفَاعَتُهُ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عُدْوَانٌ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ مَن أَثْبَتَ وَسَائِطَ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ كَالْوَسَائِطِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْمُلُوكِ وَالرَّعِيَّةِ فَهُوَ مُشْرِكٌ؛ بَل هَذَا دِينُ الْمُشْرِكِينَ عُبَّادُ الْأَوْثَانِ، كَانُوا يَقُولُونَ: إنَّهَا تَمَاثِيلُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَإِنَّهَا وَسَائِلُ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَى اللهِ، وَهُوَ مِن الشِّرْكِ الَّذِي أَنْكَرَهُ اللهُ عَلَى النَّصَارَى حَيْثُ قَالَ: ﴿اتَّخَذُوا
1 / 132