125

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٤١ هـ

محل انتشار

السعودية

ژانرها

وَرَعِيَّتِهِ-، بِحَيْثُ يَكُونُونَ هُم يَرْفَعُونَ إلَى اللهِ حَوَائِجَ خَلْقِهِ، فَاَللهُ إنَّمَا يَهْدِي عِبَادَهُ ويرْزُقُهُم بتَوَسُّطِهِمْ، فَالْخَلْقُ يَسْأَلُونَهُم وَهُم يَسْأَلُونَ اللهَ، كَمَا أَنَّ الْوَسَائِطَ عِنْدَ الْمُلُوكِ: يَسأَلُونَ الْمُلُوكَ الْحَوَائِجَ لِلنَاسِ؛ لِقُرْبِهِم مِنْهُم وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُمْ؛ أَدَبًا مِنْهُم أَنْ يُبَاشِرُوا سُؤَالَ الْمَلِكِ، أَو لِأَنَّ طَلَبَهُم مِن الْوَسَائِطِ أَنْفَعُ لَهُم مِن طَلَبِهِم مِن الْمَلِكِ؟ لِكَوْنِهِمْ أَقْرَبَ إلَى الْمَلِكِ مِن الطَّالِبِ لِلْحَوَائِجِ.
فَمَن أَثْبَتَهُم وَسَائِطَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِكٌ، يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وإِلَّا قُتِلَ.
وَهَؤُلَاءِ مُشَبِّهُونَ للهِ، شَبَّهُوا الْمَخْلُوقَ بِالْخَالِقِ وَجَعَلُوا للهِ أَنْدَادًا، وَفِي الْقُرْآنِ مِن الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ مَا لَمْ تتسِعْ لَهُ هَذِهِ الْفَتْوَى.
وقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٢،٢٣]، فَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مَن دُعِيَ مِن دُونِهِ لَيْسَ لَهُ مُلْكٌ وَلَا شِرْكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَا هُوَ ظَهِيرٌ، وَأَنَّ شَفَاعَتَهُم لَا تَنْفَعُ إلَّا لِمَن أذِنَ لَهُ.
وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُلُوكِ؛ فَإِن الشَّافِعَ عِنْدَهُم قَد يَكُونُ لَهُ مُلْكٌ، وَقَد يَكُونُ شَرِيكًا لَهُم فِي الْمُلْكِ، وَتَد يَكُونُ مُظَاهِرًا لَهُم مُعَاوِنًا لَهُم عَلَى مُلْكهِمْ.
وَهَؤُلَاءِ يشفعُونَ عِنْدَ الْمُلُوكِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُلُوكِ هُم وَغَيْرُهُمْ، وَالْمَلِكُ يَقْبَلُ شَفَاعَتَهُمْ: تَارَةً بِحَاجَتِهِ (^١) إلَيْهِمْ، وَتَارَةً لِخَوْفِهِ مِنْهُمْ، وَتَارَةً لِجَزَاءِ إحْسَانِهِمْ إلَيْهِ، وَمُكَافَأَتِهِمْ وَلِإِنْعَامِهِمْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ

(^١) هكذا في جميع المصادر، ولعل الصواب باللام: لحَاجَتِهِ.

1 / 131