نور و پروانه
النور والفراشة: رؤية جوته للإسلام وللأدبين العربي والفارسي مع النص الكامل للديوان الشرقي
ژانرها
الذي تجاوز البحر المتوسط.
إن من يحب حافظا ويعرفه
هو وحده الذي يطرب لغناء كالديرون.
إنه يجوب الآن كل الأبعاد ولا يسير في اتجاه واحد كما كان يفعل من قبل، وهو يجدد شبابه بما يرى ويجرب فيتجدد معه العالم الذي استوعبه في عالمه الباطن، والعالم غني بوفرة هائلة من الأشكال المتعددة والثمار المتنوعة التي يحس نبضها في دمه ويراها بعينه ويسمعها بأذنيه ويلمسها - كشاعر دنيوي أو أرضي مطبوع - بكل حواسه، وهو ينتقل بينها وفيها وعلى فمه ابتسامة الشيخ وطيبته، وفي عقله ووعيه ذكاؤه ويقظته، وحتى إذا فرضت عليه الوحدة والتعاسة والصمت أن يبعد العالم عنه، فإنما يفعل ذلك لكي يجذبه إليه، لأنه خلق - كما يقول على لسان الحارس البرج لينكويس في فاوست الثانية - لكي يندهش من هذا العالم ويهتم بالحياة التي تنمو وتتشكل وتفور في كل شيء فيه من الحجر والنبات والحيوان إلى الإنسان.
ولكن كيف يقدم الحساب عن مئات السنين أو آلافها من حياة وتاريخ الإنسان والعالم والكائنات، ويبقى مع ذلك شابا؟ كيف يصور آلاف الأشياء الأرضية في الوقت الذي يعد فوقها قبة سمائه العقلية؟ إنه يبدو لنا - في كتاب الساقي مثلا - أكثر شيخوخة وأنضر شبابا مما هو عليه، وهو في كتب التفكير والحكم والأمثال يقدم من الحكم أكثر بكثير مما يمكن أن تتسع له أو تحصله تجربة إنسان واحد في حياة واحدة، وهو في كتب الحب - مثل كتابي العشق وزليخا بوجه خاص - يظهر أقل من سنه بكثير، ويشتعل بنيران الشوق والعذاب والنشوة والمتعة التي لا يتحملها كيان الكهل أو الشيخ.
وفي كتاب المغني وحده - وهو أول كتب الديوان في الترتيب الذي وضعه له - يبدو لنا التطابق الكامل بين التاجر الشرقي المتجول والشاعر الغربي المتجول، ولننظر في إحدى القصائد التي تركها بعد وفاته لنرى فيها مدى توحد العاطفة مع الصورة، بل مع الصور والأسماء التي تفوق الحصر:
دعوني أبكي، يحوطني الليل
في الصحراء الشاسعة،
الجمال راقدة، الرعاة كذلك راقدون،
والأرمني سهران يحسب في هدوء،
صفحه نامشخص