والحاصل أن من شاهد تلك الواقعة عرف أحوال يوم القيامة. وأما سلطان الحويزة قدس الله روحه وهو السيد علي خان، فأرسل عساكر لاستقبال أهل الجزائر وأرسل لهم ماء وطعاما جزاه الله عنهم كل خير، ثم اننا أقمنا عنده في الحويزة شهرين تقريبا، وسافرنا إلى أصفهان لكن من طريق شوشتر، فلما وصلنا شوشتر رأينا أهلها من أهل الصلاح والفقر ويودون العلماء، وكان فيهم رجل سيد من أكابر السادة اسمه ميرزا عبد الله، فأخذنا إلى منزله وعين لنا كلما نحتاج إليه، والآن هو قد مضى إلى رحمة الله، لكنه أعقب ولدين السيد شاه مير والسيد محمد مؤمن، وفيهما من صفات الكمال ما لا يحصى مع صغر سنهما، ولا وجد في العرب والعجم أكرم منهما ولا يقارب أخلاقهما، وفقهما الله تعالى لجميع مراضيه.
ثم إن والدهما أرسل إلى أهلنا من الحويزة، ولما جاؤوا عين لهم منزلا وكل ما يحتاجون إليه، فبقينا في شوشتر تقريبا من ثلاثة أشهر وسافرنا إلى أصفهان على طريق دية دشت وبقي الأهل في شوشتر، فلما قدمنا دية دشت أخذنا حجرة في الخان وجلسنا بها، ثم بعد ساعة قلت لواحد من الرفقاء اذهب وانظر لعل لنا فيها صديقا يأخذ لنا منزلا إلى كم يوم.
فلما خرج أتى برجل سيد كان يقرأ عندي في أصفهان، فلما رآني فرح فرحا شديدا، وقال: ان جماعة من تلاميذك من سكان هذه البلاد فأخبرهم وكانوا هم سادات دية دشت، فأخذوا لنا منزلا، وكان الحاكم في تلك البلاد محمد زمان خان، وكان عالما كريما سخيا لا يقارب في الكرم، فلما سمع بنا أرسل وزيره وعين لنا ما نحتاج إليه وما لا نحتاج إليه، فطلبنا الحاكم في يوم آخر، فلما وردنا عليه قال لي: سمعت أنك شرحت الصحيفة. قلت: نعم، فقال: ان في دعاء عرفة فقرة كيف شرحتها؟ فقلت: ما هذه الفقرة؟ قال: هي قوله عليه السلام (تغمدني فيما اطلعت عليه مني بما يتغمد به القادر على البطش لولا حلمه) فذكرت له وجوها ثلاثة في حلها، فقال لي: أحد هذه الوجوه خطر بخاطري، والآخر خطر بخاطر الآقا حسين الخوانساري، فاستحسنها وشرعنا في المباحثة، وكنت أحترمه في الكلام، فجلس على ركبتيه ورمى حلته من فوق ظهره، وقال: تكلم كما كنت تتكلم في المدرسة مع طلبة العلم ولا تحترمني، فتباحثنا وكنت أنقله من علم إلى علم، وكان يسبقني في الكلام إلى ذلك العلم، حتى جاء وقت صلاة
صفحه ۲۲