ينبغي أن تتزوجا حتى ارضى عنكما، فقلت: ان علم الحديث والفقه قد بقي علينا قراءته، فقالت: لابد أن تتزوجا، وكان الحامل لها على هذا هو أنا إذا تزوجنا ألزمنا السكنى معها، فقبلنا كلامها وتزوجنا وبقيت بعد التزويج قريبا من عشرين يوما، فمضيت إلى زيارة رجل فاضل في قرية يقال لها نهر صالح، فلما اجتمعنا وتباحثنا في العلوم العقلية فقال لي: وا أسفا عليك كيف فاتك علم الحديث، فقلت: وكيف فاتني علم الحديث؟ قال: لقولهم ذبح العلم في فروج النساء، فرماني في الغيرة، فقلت له: والله يا شيخ لا أرجع إلى أهلي وها أنا إذا قمت من مجلسك توجهت إلى شيراز، فاستبعد قولي فقمت منه وركبت في سفينة وأتيت إلى القرنة، وكان فيها سلطان البصرة، فأخذني معه إلى الصحراء للتنزه، فلما رجعنا أتيت إلى البصرة ولاحظت أن والدي يتبعني فركبت في سفينة وقصدت شيراز، فأتيت إلى تلك المدرسة، ولحقني أخي فأقمنا فيها وأتى الينا خبر فوت الوالد تغمده الله برحمته، فبقينا بعده شهرا أو أقل.
ثم إن مدرسة المنصورية احترقت واحترق فيها واحد من طلبة العلم، واحترق لي فيها بعض الكتب، وصارت بعض المقدمات فسافرنا إلى أصفهان، وكنا جماعات كثيرة، وأصابنا في الطريق برد تيقنا معه الهلاك، فمن الله علينا بالوصول، فجلسنا في مدرسة ليس فيها إلا أربع حجرات في (سرنيم آورد) وجلسنا في حجرة واحدة، وكنا جماعة كثيرة، فكنا إذا نمنا في تلك الحجرة وأراد واحد منا الانتباه في الليل لحاجة انتبهنا جميعا ثم إنه قد تضايقت علينا أمور المعاش، وبعنا ما كان عندنا من ثياب وغيرها، وكنا نتعمد أكل الأطعمة المالحة لأجل أن نشرب ماء كثيرا، ونأكل الأشياء الثقيلة لذلك أيضا، ثم بعد هذا من الله علي بالمعرفة مع أستاذنا المجلسي أدام الله أيام سلامته، فأخذ ني إلى منزله وبقيت عندهم في ذلك المنزل أربع سنين تقريبا، وقد عرفت أصحابي عنده، فأيدهم بأسباب المعاش وقرأنا عليه الحديث.
ثم إن رجلا اسمه ميرزا تقي بنى مدرسة وأرسل إلي، وجعلني فيها مدرسا، والمدرسة تقرب من حمام الشيخ بهاء الدين محمد تغمده الله برحمته، فأقمت في أصفهان أقرأ وأدرس ثمان سنوات تقريبا، ثم أصابني ضعف في البصر بكثرة المطالعة، وكان في أصفهان جماعة كحالون فداووا عيوني بكلما عرفوا، فما رأيت من دوائهم إلا زيادة الألم، فقلت في نفسي أنا أعرف منهم بالدواء، فقلت لأخي (ره): أني أريد السفر
صفحه ۱۶