تعود متن الصافنات صغيرهم ... إلى أن تساوي عنده السرج والمهد
وقوله في السلطان الصالح شمس الدين:
من القوم في متن الجياد ولادهم ... كأن متون الصافنات مهود
غيوث لهم يوم الجياد من الظبا ... بروق ومن وطء الجياد رعود
وقول أبي العلاء المعري:
يا ابن الألى غير زجر الخيل ما عرفوا ... إذا تعرف العرب زجر الشاء والعكر
والقائديها مع الأضياف تتبعها ... ألافها وألوف اللأم والبدر
جمال ذا العصر كانوا في الحياة وهم ... بعد الممات جمال الكتب والسير
وافقتهم في اختلاف من زمانكم ... والبدر في الوهن مثل البدر في السحر
الموقدون بنجد نار باديةٍ ... لا يحضرون وفقد العز في الحضر
إذا همى القطر شبتها عبيدهم ... تحت الغمائم للسارين بالقطر
من كل أزهر لم تأشر ضمائرهم ... للثم خدٍ ولا تقبيل ذي أشر
لكن يقبل فوه سامعي فرسٍ ... مقابل الخلق بين الشمس والقمر
كأن أذنيه أعطت قلبه خبرًا ... عن السماء بما يلقى من الغير
يحس وطء الرزايا وهي نازلةٌ ... فينهب الجري فعل الحارث المكر
من الجياد التي قد كان عودها ... بنو الفصيص لقاء الطعن بالثغر
تغني عن الورد أن سلوا صوارمهم ... أمامها لاشتباه البيض بالغدر
وكانوا يزجرون الخيل بلفظة: هلا أو اجذم أو هيا أو أرحب. قال الكميت:
نعلمها هيا وهلا وأرحبا ... واجذم في أبياتنا ولنا قدم
وقال عدي بن الرقاع:
هن عجم وقد علمن من القو ... ل هيا واقدمي رآء وقومي
روي أن رجلًا عرض بليلى الأخيلية بقوله:
ألا حييا ليلى وقولا لها هلا ... فقد ركبت طرفًا أغر محجلا
فأجابته:
تعيرني داءً بأمك مثله ... وأي جواد لا يقال له هلا
ومنها أن تكون كثيرة المنازعة للجام، قال ابن مقبل:
وأخلج نهامًا إذا الخيل أرعلت ... جرى بسلاح الكهل والكهل أجرد
الأخلج: الطويل الذي يخلج العنان، أي: يجذبه، وقال حسان بن ثابت ﵁:
تظل جيادنا متمطراتٍ ... يلطمهن بالخمر النساءُ
يناعن الأعنة مصعداتٍ ... على أكتادها أسدٌ ضراء
يلطمهن: أي ينفضن الغبار عنهن بخمرهن، وقال الأفوه الأزدي:
وخيل عالكات اللجم فينا ... كأن كماتها أسد الضريب
وقال طرفة بن العبد:
وفحول هيكلات وقح ... أعوجيات على الشأو أزم
وقنا جرد وخيل ضمر ... شذب من طول تعلاك اللجم
وقال كعب بن مالك:
ونزائعًا مثل الجبال نأى بها ... علف الشعير وجودة الأقصاب
فتحوط سالمة الذمار وتارة ... تردي العدا وتؤوب بالأسلاب
وقال آخر:
تغضب أحيانًا على اللجام ... كغضب النار على الضرام
أي: تعض على اللجام من حرصها كالغضبانة. وقال آخر:
وترى الكميت أمامه ... وكأنه رجل مغاضب
وقال بشر:
إذا خرجت أوائلهن شعثًا ... محجلة نواصيها قتام
ينازعن الأعنة مصغيات ... كما يتفارط الثمد الحيام
وقال خفاف بن ندبة:
وخيل تهادى لا هوادة بيننا ... شهدت بمدلوك المعاقم محنق
المدلوك: المدكوك، والمعاقم: فقر بين الفريدة والعجب في مؤخر الصلب، والحنق: الغضب، وقال عنترة:
تقدم وهو مصطبر مصر ... بقارحة على فاس اللجام
وقال يزيد بن الحكم الثقفي:
واعلم بأن الحرب لا ... يسطيعها المرح السؤوم
والخيل أجودها المنا ... هب عند كبتها الأزوم
الأزوم: العضوض على اللجام، وقال أبو فراس الحمداني:
وسرنا بالخيول إلى نمير ... تجاذبنا أعنتها جذابا
وقال ابن عبد الصمد:
على سابح فرد يفوت بأربع ... له أربع منها الصبا والشمائل
من الصبح خوان العنان كأنه ... مع البرق سار أو مع الليل سائل
وقال النصيب في مدح الفضل بن الربيع:
قاد الجياد إلى العداة كأنها ... رجل الجراد تسوقهن جنوب
وقنا تبارى في الأعنة شزبًا ... تدع الحزون كأنهن سهوب
من كل مضطرب العنان كأنه ... ذيب يبادره الفريسة ذيب
تهوى بكل مغاور عاداته ... صدق اللقاء فما له تكذيب
1 / 56