الشكة: السلاح، والفرط: الفرس السريع، والشاهد في قوله: (أسهلت وانتصبت كجذع منيفة) أي: رفعت عنقها كجذع النخلة الطويلة العالية كونها جرداء يضيق صدر من أراد قطع ثمرها لعجزه عن ارتقائها، وقد أخطأ بمدحه فرسه بالعرق بقوله وابتل من زبد الحميم حزامها، حيث أن عرق الخيل مذموم، قال امرؤ القيس:
فصاد لنا عيرًا وثورًا وخاضبًا ... غداة ولم ينضح بماء فيغسل
وقال:
فأدرك لم يعرق مناط عذاره ... يمر كخذروف الوليد المثقب
فغادر صرعى من حمار وخاضبٍ ... وتيس وثور كالهشيمة قرهب
الخذروف: كعصفور، شيء يدوره الصبي بخيط في يديه فيسمع له دوي. قال ابن مقبل:
هاج الوليد بخيط مبرم خلق ... بين الرواجب في عود من العشر
وقال آخر:
فصاد ثلاثًا كجذع النظا ... م لم ينطلق ولم يغسل
ومما يستدل به على طول عنق الفرس أن يكال من ابتداء شعر المعرفة مما يلي الظهر إلى ما بين فتحتي المنخرين ثم يكال من منبت المعرفة أيضًا إلى نهاية العسيب فإن كان المقدم أطول دل على عتقه وإن كان التالي أطول دل على هجنته وإن تساويا كان متوسطًا.
ومنها أن تكون مرتفعة الرأس والأكتاف والكفل ملسة الظهر ضخمة الصدر ضامرة الكليتين مكتنزة اللحم، قال ابن دريد:
بذاك أم بالخيل تعدو المرطى ... ناشزة أكتادها قب الكلى
الخيل: اسم جمع لا واحد له من لفظه، وقال أبو عبيدة واحدة خائل، وسمي بذلك لأنه يختال في مشيه، وجمع الخيل: خيول، والفرس: أفراس، ويشترك في اسم الفرس الذكر والأنثى، وحكى ابن جني والضراء فرسة، ولا تصغر بخلاف الذكر فإنه يصغر على فريس، ولفظه مشتق من الافتراس، أي: افترس الأرض بسرعته، ويسمى راكبه: فارسًا، ويجمع على: فوارس شذوذًا، ويقولون لركاب الخيل: فرسان، ويقولون لمن أحسن ركوبها: ركبة - بالكسر -، ويركبها العرب والعجم، وتقول لركاب النجب والهجن: ركبان، ولا يستعملها إلا العرب خاصة، وربما قاتلوا عليهما، قال العنبري:
فليت لي بهم قومًا إذا ركبوا ... شنوا الإغارة فرسانًا وركبانا
وقال شبيب بن شيبة لقيت خالد بن صفوان على حمار فقلت له: أين أنت عن الخيل؟ قال: تلك للطلب والهرب ولست طالبًا ولا هاربًا، قلت: فأين أنت من البغال؟ قال: تلك للأثقال ولست ذا ثقل، قلت: فأين أنت عن البراذين؟ قال: تلك للمسرعين ولست مسرعًا، قلت: فماذا تصنع بحمارك؟ قال: أدب عليه دبيبًا وأقرب عليه تقريبًا وأزور إذا شئت عليه حبيبًا. ثم لقيته بعد ذلك على فرس فقلت له يا أبا صفوان ما فعل الحمار؟ قال بئس الدابة، إن أرسلته ولّى، وإن استوقفته أدلى، قليل الغوث كثير الروث، بطيء عن الغارة، سريع إلى الغرارة، لا تنكح به النساء ولا تهرق به الدماء، وقال جرير بن عبد الحميد: لا تركب الحمار فإن كان حديدًا أتعب بدنك وإن كان بليدًا أتعب رجلك، والمرطى عدو دون التقريب.
قال طفيل الغنوي:
تقريبه المرطى والجون معتدل ... كأنه سبدٌ بالماء مغسول
وأنواع السير: العنق، ثم الخبب، وهو دون العنق لأنه خطو فسيح أو نقل الفرس أيامنه جميعًا وأياسره جميعًا، ثم التقريب، وهو أن: يوقع يديه في العدو معًا ويضمهما معًا، أو أن يضع يديه موضع رجليه، وهو دون الحضر، والإنضاء: الإفراط في السير، والناشزة: المرتفعة، والأكتاد: جمع كتد - بفتح التاء وكسرها - وهو ما بين الكاهل والوسط، والكاهل: أعلى الكتفين وما يليه من أصل العنق، والكلى: جمع كلية أو كلوة.
وقال الشاعر:
ترى العلافي عليها موفدا ... كأن برجًا فوقها مشيدا
الموفد الحارك المشرف، وقال عمرو بن العاص:
شبت الحرب فأعددت لها ... مشرف الحارك محبوك الثبج
يصل الشر بشر فإذا ... وثب الخيل من الشر معج
جرشع أعظمه خفرية ... فإذا ابتل من الماء حرج
الشرة: النشاط، والمعج: السريع، وقال ابن مقبل:
ذعرت به العير مستوزيًا ... شكير حجافله قد كتن
المستوزي: المشرف المنتصب. قال أبو دؤاد:
نبيل النواهض والمنكبين ... حديد المحازم ناتي المعد
النبيل: الحسن، والناهض: لحم العضد، والمنكب: مجمع رأس الكتف، والمعد: الحارك، ويقال له: الصرد، قال الشاعر:
خفيف النعامة ذو ميعةٍ ... كثيف الفراسة ناتي الصرد
1 / 44