يجم على الساقين بعد كلاله ... جموم عيون الحسي بعد المخيض
ذعرت به سربًا نقيًا جلودها ... كما ذعر السرحان جنب الربيض
ووالى ثلاثًا واثنتين وأربعًا ... وغادر أخرى في قناة رفيض
فآب إيابًا غير نكدٍ مواكلٍ ... وأخلف ماء بعد ماءٍ فضيض
وسن كسنيق سناء وسنمًا ... ذعرتُ بمدلاج الهجير نهوض
فالشاهد في قوله: (يباري شباة الرمح خد مذلق ... البيت)، فإنه وصف خده بكون أملس، وبأنه يباري حد الرمح إذا مد فارسه رمحه، وذلك من طول عنقه، وقال الوزير أبو عامر بن أرقم:
فتى الخيل يقتادها ذبلا ... خفافًا تباري القنا الذابلا
ترى كل أجرد سامي التلي ... ل تحسبه غصنًا مائلا
وجرداء إن أوجست صارخًا ... تذكرك الظبية الخاذلا
إذا شنهن بأرض العدا ... يصير عاليها سافلا
وقال المتنبي:
في سرج ظامئة الفصوص طمرة ... يأبى تفردها بها التمثيلا
نيّالةِ الطلبات لولا أنها ... تعطي مكان لجامها مانيلا
تندى سوالفها إذا استحضرتها ... وتظن عقد عنانها محلولا
فقوله: (نيّالة الطلبات) أي: تدرك كلما تطلبه إن أحضرت ولو لم تعط رأسها لوضع اللجام في فيها ما ناله أحد من طول عنقها. وقال طفيل:
طوال الهوادي والمتون صليبةٌ ... مغادير فيها للأمير معقب
وقال الأعشى:
والقارح العدى وكل طمرة ... لا تستطيع يد الطويل قذالها
وقال: غدا بتليلٍ كجذع الخضا_ب حر القذال طويل الغسن الغسن شعر المعرفة والناصية والذنب. وقال مالك بن زغبة:
وذات مناسب جرداء بكر ... كأن سراتها كر مشيق
تنيف بصلهب للخيل عالٍ ... كأن عموده جذعٌ سحوق
تراها عند قبتنا قصيرًا ... ونبذلها إذا باقت بؤوق
أي: منسوبة الأب والأم، وسراتها: أعلاها، والصلهب: العنق، أي: إذا أشرفت ترى عنقها كأنه نخلة طويلة من شدة طوله.
وقال غيلان بن حريث:
يستوعب البوعين من جريره ... من لد لحييه إلى منحوره
أي من لحييه إلى نحره يستوعب باعين من الخيل. وقال آخر:
الحمد يعذلني على إمساكها ... ويقول قد أفنيت ما لا يحسب
فحلفت لا أنفك عنه شظية ... جردًا وسياط المسدة سلهب
لما رأيت قبيلة مسعودة ... بالخيل يسعفها الرهان فتحلب
صافيت مهتز اللدان كأنه ... نار تراوحه اليدان مدرب
أما إذا استقبلته فكأنه ... جذع سما فوق النخيل مسردب
وإذا تصفحه الفراش معرضًا ... فيقول سرحان القطا المتنصب
أما إذا استدبرته فيشوقه ... ساق تقمصها وظيف أجذب
منه وجاعره كأن حماتها ... لما كشطت الجد عنها أرنب
ومفرق الجنبين دكت فوقه ... حصد وسابقة تظل تقلب
وترى اللجام يصل في أشداقها ... متنفس رحب وجوف حوشب
وحزامه باعٌ إذا ما قسته ... يعيى له حيزومه والمثقب
وقال عدي بن زيد:
مشرف الهادي له غسن ... يعرق العلجين إحضارا
وقال ابن مقبل:
يرخي العذار وإن طالت قبائله ... في حزةٍ مثل سنف المرخة الصفر
القبائل: سيور اللجام، واحدتها: قبلة، وقال:
وحاوطني حتى ثنيت عنانه ... على مدبر العلباء ريان كاهله
أي: عنقه طويل وفي علبائه إدبار. وقال ابن زمرك وزير الغني بالله الأندلسي:
وكتيبة أردفتها بكتيبةٍ ... والخيل تمرح في الحديد وترفل
من كل منخفر كلمعة بارق ... بالبدر يسرج والأهلة ينعل
أوفى بهاد كالظليم وخلفه ... كفل كما ماج الكثيب الأهيل
حتى إذا ملك الكمي عنانه ... يهوي كما يهوي بجوٍ أجدل
وقال زهير:
وملجمًا ما إن ينال قذاله ... ولا قدماه الأرض إلا أنامله
القذال: جماع مؤخر الرأس، ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية.
وقال ابن دريد:
سامي التليل في دسيعٍ مفعمٍ ... رحب اللبان في أمنيات العجى
سامي التليل: مرتفع العنق، والدسيع: مفرز العنق في الكاهل، والمفعم: الممتلئ من اللحم، والأمينة: الصلبة، واللبان: ما يجري عليه اللبب، والعجى: كل عصبة في يد أو رجل. وقال سلامة بن جندل:
1 / 42