* المطلب السابع:
الإجماع على أن مسح الرأس فرض في الوضوء واختلف في القدر الكافي منه: فذهب مالك إلى وجوب مسحه كله (2)، وذهب بعض أصحابه والشافعي وأبو حنيفة إلى أن مسح بعضه هو الفرض (3)، وحدده بالثلث بعض أصحاب مالك ن ومنهم بالثلثين، وحده أبو حنيفة بالربع، وحد مع هذا القدر من اليد، فقال: إن مسحه بأقل من ثلاثة أصابع لم يجزئه ولم يحدد الشافعي ماسحا ولا ممسوحا.
__________
(1) الجامع الصغير، 1/ 178، 179.
(2) ينظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، 1/ 368.
(3) ينظر: كتاب الأم، 1/ 78، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر، لعبد الرحمن بن محمد الكليبولي الحنفي، 1/ 21، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1، 1419ه / 1998م.
وسبب الخلاف: الاشتراك في معاني الباء، لكونها مرة زائدة كقوله تعالى: " {تنبت بالدهن} (1) على قراءة من قرأ: "تنبت" بضم التاء وكسر الباء، من (أنبت) الرباعي، وتارة على التبعيض، كأخذت بيده، ولا ينكر هذا من لغة القرآن، أعني كونها للتبعيض، وعليه الكوفيون من النحويين، فمن رآها هنا زائدة أوجب مسح كل الرأس، ومعنى الزائدة كونها مؤكدة، ومن رآها للتبعيض أوجب مسح البعض، ورجح هؤلاء مفهومهم بقول المغيرة (2): إنه عليه السلام توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة (3) - خرجه مسلم، ولو سلم أنها زائدة فيبقى احتمال آخر، وهو هل الواجب الأخذ بأوائل الأسماء أو بأواخرها؟.
ثم إن الرأس هو العضو المخصوص، فثم محذوف، أي: امسحوا شعر رؤوسكم، والشعر اسم جمع أو اسم جنس، فيفرق بينه وبين مفرده بالتاء، وأقل الجمع ثلاثة، فلذلك لا يجزىء مسح أقل من ثلاث شعرات - على ما قال الأصحاب - بثلاثة أصابع فالمسح على البشرة غير متناول من النص لكنه من الإجماع وقيل: الرأس من تراءس، وهو كل ما علا، فتناول اللفظ الشعر لعلوه، ويتناول البشرة مع عدم الشعر لعلوها بغير توسط.
__________
(1) المؤمنون / 20.
صفحه ۶۰