نتائج الفكر في النحو للسهيلي

ابو القاسم سهیلی d. 581 AH
208

نتائج الفكر في النحو للسهيلي

نتائج الفكر في النحو للسهيلي

ناشر

دار الكتب العلمية

محل انتشار

بيروت

معنى زائد، وقد استعمل أيضًا من لفظها: النفاسة والشيء النفسي، فصلحت للتعبير عن الباري ﷾. بخلاف ما تقدم من الألفاظ المجازية. وأما " الذات "، فقد استهوى أكثر الناس - ولا سيما المتكلمين - القول فيها، إنها في معنى النفس والحقيقة، ويقولون: (ذات الباري هي نفسه)، ويعبرون بها عن وجوده وحقيقته، ويحتجون في إطلاق ذلك بقوله ﵇ في قصة إبراهيم: " ثلاث كذبات كلها في ذات الله ". وقول خبيب: وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع وليست هذه اللفظة إذا استقريتها في اللغة والشريعة كما زعموا، ولو كان كذلك لجاز أن يقال: " عبدت ذات الباري سبحانه "، و" احذر ذاته ". كما قال تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)، أو: " فعلت ذاته ":. وذلك غير مسموع، ولا يقول إلا بحرف (في) الجارة، وحرف " في " للوعاء، وهو معنى مستحيل على نفس الباري سبحانه، إذا قلت: " جاهدت في الله "، و" أحببتك في الله " محال أن يكون هذا اللفظ حقيقة، لما يدل عليه هذا الحرف من معنى الوعاء، وإنما هو على حذف المضاف، أي: في مرضاة الله وطاعته، فيكون الحرف على بابه ومعناه، كأنك قلت: فعلى هذا محسوب في الأعمال التي فيها مرضاة الله - تعالى - وطاعة له. وأما أن تدع اللفظ على ظاهره فمحال، وإذا ثبت هذا فقوله: " في ذات الله " و" في ذات الإله "، إنما يريد في الديانة أو الشريعة التي هي ذات الله، فذات وصف للديانة. وكذلك هي في أصل موضوعها نعت لمؤنث، ألا ترى أن فيها " تاء " التأنيث؟ وإذا كان الأمر كذلك فقد صارت عبارة عما تشرف بالإضافة إلى الله ﷿ لا عن نفسه. وهذا هو المفهوم من كلام العرب، ألا ترى إلى قول النابغة: مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله ودِيُنهم قَوِيم.

1 / 231