نتائج الفكر في النحو للسهيلي
نتائج الفكر في النحو للسهيلي
ناشر
دار الكتب العلمية
محل انتشار
بيروت
ژانرها
دستور زبان و صرف
معنى زائد، وقد استعمل أيضًا من لفظها: النفاسة والشيء النفسي، فصلحت للتعبير
عن الباري ﷾. بخلاف ما تقدم من الألفاظ المجازية.
وأما " الذات "، فقد استهوى أكثر الناس - ولا سيما المتكلمين - القول فيها، إنها في معنى النفس والحقيقة، ويقولون: (ذات الباري هي نفسه)، ويعبرون بها عن وجوده وحقيقته، ويحتجون في إطلاق ذلك بقوله ﵇ في قصة إبراهيم:
" ثلاث كذبات كلها في ذات الله ".
وقول خبيب:
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
وليست هذه اللفظة إذا استقريتها في اللغة والشريعة كما زعموا، ولو كان
كذلك لجاز أن يقال: " عبدت ذات الباري سبحانه "، و" احذر ذاته ".
كما قال تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)، أو: " فعلت ذاته ":.
وذلك غير مسموع، ولا يقول إلا بحرف (في) الجارة، وحرف " في " للوعاء، وهو معنى مستحيل على نفس الباري سبحانه، إذا قلت:
" جاهدت في الله "، و" أحببتك في الله " محال أن يكون هذا
اللفظ حقيقة، لما يدل عليه هذا الحرف من معنى الوعاء، وإنما هو على حذف المضاف، أي: في مرضاة الله وطاعته، فيكون الحرف على بابه ومعناه، كأنك قلت: فعلى هذا محسوب في الأعمال التي فيها مرضاة الله - تعالى - وطاعة له.
وأما أن تدع اللفظ على ظاهره فمحال، وإذا ثبت هذا فقوله:
" في ذات الله " و" في ذات الإله "، إنما يريد في الديانة أو الشريعة التي هي ذات الله، فذات وصف للديانة.
وكذلك هي في أصل موضوعها نعت لمؤنث، ألا ترى أن فيها " تاء " التأنيث؟
وإذا كان الأمر كذلك فقد صارت عبارة عما تشرف بالإضافة إلى الله ﷿ لا عن نفسه.
وهذا هو المفهوم من كلام العرب، ألا ترى إلى قول النابغة:
مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله ودِيُنهم قَوِيم.
1 / 231