وقوله : ( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ، كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض ، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ) [المؤمن 40 / 82].
والكتاب رحلة فكرية للقارئ تضيء له بنور الماضي طريق المستقبل ، فيسير فيها في الأرض والسماء ، ويحلق فيها عبر الآفاق ، لا تحده حدود ، ولا تقف دونه الحواجز والمسافات ، فتكون الثقافة بذلك من أكبر عوامل تقدم الأفراد والأمم معا.
ولذا كان من واجب المهتمين بالفكر في العالم عامة ، وفي دنيا العرب خاصة ، تزويد قارئهم بالكتب التي تحمل الفكر النظيف دون تعمد إساءة للوقائع أو تشويه أو تحريف ، فيتركون للقارئ وحده حرية استنتاج الحقائق والسير في الطريق الذي يختاره ويريد.
وهأنذا اليوم أساهم في ذلك بتحقيق كتاب (نشر المحاسن اليمانية) ليطلع الإنسان المثقف عامة ، أيا كان موقعه من بلاد الله الواسعة ، والقارئ العربي خاصة ، على أرضه وتاريخه وبلاده ، وقد غدا يعلم مع الأسف الشديد عن غيره أكثر مما يعلم عن نفسه ، ويقدس كل ما هو غريب ، ويحتقر كل ما هو قريب ، ويعتذر عن الأجنبي ، ويلوم كل ما هو عربي.
وقد سعيت جاهدا إلى إزالة الغربة بين العربي وتراثه ، فعمدت إلى التعريف بكل ما ورد في الكتاب من أعلام وجماعات وأماكن وبلدان وأيام ومعارك ، وجعلت ذلك في نطاق التعليقات والحواشي ، فأضأت بذلك النصوص ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
وقد بذلت في ذلك من الجهد الكبير ، وتحملت من المشاق ، ما يعلمه كل من مارس صنعة التأليف والتحقيق بأمانة وصدق ، وخاصة عند شح المصادر أو قلتها وندرتها.
صفحه ۵۹