تعمدا بغير حق ومنه ما هو اخف من ذلك بمراتب كلعن الواشمة ونحوها ومنه ما بين ذلك ومنه ما ترفعه التوبة ومنه ما يرفعه الحد كما دلت على جميع ذلك الآيات والحاديث فهو لعن دون لعن وطرد دون طرد وابعاد دون ابعاد.
ورب مبعد من درجة عالية إلى دونها هي قرب بالنسبة إلى مبعد آخر إذا أرتقى إليها وكل ذلك بحسب عظم الموجب وصغره فلا يذهب عن بالك ما ذكرناه وانما قدمنا ذلك لئلا يندفع بعض المتسرعين إلى الاعتراض قبل ان يستحضر الحقيقة في ذهنه اغترارا بالقول السابق عن بعض العلماء ان اللعن ملازم للكفر مع ان الحق خلافه والله الهادي إلى الصواب.
(مهمة) اعلم انك ستجد في هذه الرسالة كثيرا من أقوال العلماء موافقا ومخالفا فليكن منك على بال اننا لم نذكر شيئا منها للاستدلال بمجرده وانما هو تفسير واظهار لمعنى الكتاب والسنة فتحصل به غلبة الظن في الموافق والتنبيه على الخطأ فيما علمنا في المخالف فيزيده الطالب بحثا وتدقيقا وما نقلناه عن أهل المغازي والتاريخ فهو كذلك واكثره متواتر معنى لا يرتاب في وقوعه الا من لا اطلاع له عليها أو من جحده مكابرة ومع ذلك فأنالم نورده احتجاجا به بل تمهيدا وبيانا لا نطباق الحجج الشرعية على ما وردت به فيه.
وبالجملة فلا حجة الا الكتاب والسنة والله اعلم.
(المقام الاول) في ذكر نبذة من أدلة الفرقة القائلة بجواز لعن معاوية ووجوب بغضه في الله وما يناسب ذلك من ذكر بوائقه المثبتة فسوقه وبغية وجرأته على الله واتنهاكه حرماته مما يدخله تحت عمومات الآيات القرآنية والاحاديث النبوية المتضمنة للعن فاعليها والمشتملة على الوعيد الشديد لمرتكبيها قال الله تعالى وهو أصدق القائلين " فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم واعمى ابصارهم " وقال تبارك وتعالى " ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله
--- [ 25 ]
صفحه ۲۴