النصائح الكافية
محمد بن عقيل
--- [ 1 ]
صفحه ۱
النصائح الكافية لمن يتولى معاوية تأليف العلامة المحقق الجليل الشريف النبيل السيد محمد بن عقيل بن عبدالله بن عمر بن يحى العلوي المتوفى سنة 1350 هدار الثقافة للطباعة والنشر ايران - قم تلفن: 37790. النصائح الكافية لمن يتولى معاويه المؤلف: السيد محمد بن عقيل بن عبدالله بن عمر بن يحيى العلوى الطبعة الاولى: 1412 هالكمية: 2000 نسخه بسم الله الرحمن الرحيم ترجمة المؤلف نسبه الشريف هو محمد بن عقيل بن عبدالله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن طه بن محمد ابن شيخ بن أحمد بن يحيى بن حسن بن علي بن علوي بن محمد مولى الدويلة بن علي بن علوي بن محمد بن علي بن محمد صاحب مربط بن علي بن علوي بن محمد علوي بن عبيدالله بن المهاجر أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء عليهم السلام. مولده ووفاته ولد ضحى يوم الاربعاء ليومين بقيا من شعبان سنة 1279 هببلدة مسيلة آل شيخ قرب تريم (1) من بلاد حضرموت، وتوفي صباح الثلاثاء 13 ربيع الاول سنة 1350 هفي الحديدة من أرض اليمن، وشيع نعشه رجال الدولة والاهلون عن بكرة
---
(1) تريم: اسم إحدى مدينتي حضرموت، لان حضرموت اسم للناحية بجملتها، ومدينتاها: شبام وتريم، وهما قبيلتان سميت المدينتان بهما. مراصد الاطلاع 1: 261 (*)
--- [ 2 ]
صفحه ۱
أبيهم، والجيش اليماني منكسا سلاحه، وجاءت برقيات التعزية لنجله السيد علي من الامام يحيى وولي العهد سيف الاسلام أحمد بن يحيى وأخيه سيف الاسلام محمد، وأقفلت المحاكم في اليمن ثلاثة أيام حدادا عليه. أحواله اعتنى والده بتعليمه، وأحضر إلى المسيلة من يعلمه من علماء حضرموت، فقرأ القرآن في بضعة شهور، وتعلم الخط، وقرأ النحو وبعض متون الفقه وبعض دواوين الشعر، وجل مقامات الحريري، وكانت قراءته على والده وعمه محمد بن عبدالله، وعلى السيد أبي بكر بن شهاب وغيرهم، وكانت مخايل النجابة وجودة الفهم بادية عليه من صغره، وبما أن والده كان يحرضه على الاستقلال في الفهم وعدم اتباع كل ما هو محرر إلا بعد فهمه وفحصه تربت فيه ملكة الاستقلال من صغره، وكانت لاسلافه مكتبة عظيمة تحوي نفائس الكتب المطبوعة والمخطوطة ولها فهرس عمله هو، فطالع أكثر ما حوته بإمعان. توفي والده وهو في الخامسة عشرة من عمره، فقام مقام والده في رئاسة عائلته على صغر سنه، وقام بمهام تلك الرئاسة أحسن قيام. ثم رحل من بلاد حضرموت إلى سنغافورة وجاوة (1) وعمره 17 سنة لافادة أهلها، فنجحت مساعيه وتكللت أعماله بالفوز حتى أصبح مضرب الامثال، فكثر حساده وتضافرت على مقاومته أضداده، فأظفره الله عليهم وعادوا بالخيبة والخذلان، ووصل إلى سنغافورة سنة 1296 هواشتغل بالتجارة ليكون مستغنيا عن الناس، فنجح في تجارته وحافظ على أوقاته، فعمل جدولا قسم فيه أوقاته على أعماله وراحته، وجعل حصته للمطالعة لا تقل عن ثلاث ساعات على الدوام، وكلما وجد سعة في الوقت جعلها للمطالعة وكان يقول: " مواقيتك يواقيتك، فحافظ عليها " وكان يقول:
---
(1) جاوة: من الجزر الاندنوسية (*)
--- [ 3 ]
صفحه ۲
" أعظم عون لي في نجاح مقاصدي توزيع أوقاتي ". ولم يكن يقبل مناصب الدول، وأراده الملك حسين بن علي أن يكون ناظرا للمعارف بمكة المكرمة سنة 1340 ه فأبى، سوى أنه رغب إلى حكومة سنغافورة إبان الحرب العظمى الاولى في تأسيس مجلس باسم مجلس الاستشارة الاسلامي فأجابته لذلك، وترأس هذا المجلس، وغايته إجراء أحكام المسلمين كالمواريث وغيرها على وفق مذهبهم. وأسس في سنغافورة جمعية إسلامية ومجلة وجريدة عربيتين ومدرسة عربية دينية، وحج البيت الحرام ثلاث مرات، أقام في إحداها بالحجاز مع عائلته أكثر من ستة أشهر. وسافر إلى الهند مرارا، وسافر إلى اليابان والصين وإلى آخر بلاد روسيا، ومنها إلى برلين ففرنسا، وحضر بها المعرض العلمي والتجاري، وتعرف بعلية المستشرقين فيها، ورأى في جهة من المعرض العلمي علما لدولة إسلامية وتحته منبر للخطابة لم يصعد عليه أحد، فصعد عليه واجتمع حوله علماء المستشرقين، فالقى خطابا نفيسا ذكر فيه السيرة النبوية ومحاسن الاسلام، ولما نزل عن المنبر صافحوه ودعوه إلى حفلة أقاموها له في منزل كبير والتفوا حوله رجالا ونساء، وسافر أيضا إلى العراق وسورية ومصر مرارا. وكان قوي الحجة، ثاقب الفكر، حاد الذهن، شديد الفهم، باحثا محققا نقادا مطلعا. مؤلفاته (1) النصائح الكافية لمن يتولى معاوية، وعنونه في الذريعة ب(النصائح الكافية في مثالب معاوية). فرغ منه في سنغافورة ليلة السبت 11 صفر سنة 1326، وطبع في بومباي - الهند، في نفس السنة، وطبع بعدها عدة مرات في بيروت وبغداد والنجف (1).
---
(1) الذريعة 24: 170. (*)
--- [ 4 ]
صفحه ۳
ورد عليه رجل بكتاب سماه (الرقيه الشافية من مضار النصائح الكافية) فرد السيد أبو بكر بن شهاب على الرد بكتاب أسماه (الحمية من مضار الرقية). (2) تقوية الايمان برد تزكية آل أبي سفيان، كتبه في الذب عن اعتراضات أوردت على كتابه (النصائح الكافية) وأثبت فيه صحة ما ذكره في نصائحه. وقد طبعه في سنة 1343 ه(1). (3) الفصل الحاكم في النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم، وهو تلخيص لكتاب (النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم) للمقريزي المتوفى سنة 845 ه. ألفه في سنغافورة سنة 1332، وطبع في سنة 1343 مع (تقوية الايمان) (2). (4) العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل، وهو عتاب على من يروي عن كل خارجي وكذاب، ويترك الرواية عن أهل البيت، بلسان طيب جميل، فهو اسم طبق المسمى، طبع بعد تأليفه في سنغافورة في سنة 1342 ه، وهو مرتب على ستة أبواب وخاتمة، وفيه استقراء تام لاسباب الجرح والتعديل فلم ير في المجروحين ذنب غير محبة آل البيت (ع)، ولم ير في المعدلين سوى التحامل عليهم والميل والانحراف عنهم (3). (5) ثمرات المطالعة، أشار إليه في (العتب الجميل) بلغ عدد صفحاته أربعة آلاف صفحه، وقيل: ثمانية آلاف بقطع النصف، وذلك أنه كان كثير المطالعة، وله ولع عظيم بها، بقي عدة أعوام يطالع في كل ليلة مائة وخمسين صفحة، فكان إذا أراد مطالعة كتاب وضع مذكرته وقلمه ودواته بجانبه وشرع في المطالعة، وعند الانتهاء من مطالعة ذلك اليوم يكتب على المحل الذي وقف عليه تاريخ اليوم والشهر والسنة، فإذا رأى في الكتاب غلطا كتب على هامشه: الظاهر كذا . وإذا مرت به فائدة أو اعتراض على
---
(1) الذريعة 4: 394. (2) الذريعة 16: 227. (3) الذريعة 15: 216. (*)
--- [ 5 ]
صفحه ۴
صاحب الكتاب أو من نقل عنه كتب ذلك في مذكراته، فاجتمع عنده جملة وافرة من هذه المذكرات فجمعها في كتاب وسماه (ثمرات المطالعة) (1). (6) أحاديث المختار في معالي الكرار، ذكره في (العتب الجميل) (2). (7) كتبه ومراسلاته لاخوانه، فيها فوائد جليلة لو جمعت لكانت مجلدا ضخما. قال السيد محسن الامين العاملي رحمه الله في رثائه: سالت دموع العين كل مسيل * حزنا لرزء محمد بن عقيل رزء بدا فيه الزمان بمقلة * مكفوفة وبساعد مشلول رزء به فجع النبي محمد * والبضعة الزهراء خير بتول والمرتضى وبنوه كلهم فهم * " من سائل باك ومن مسؤول " رزء له تبكي علوم محمد * وشرائع التحريم والتحليل نبأ من اليمن استطار فزلزلت * منه البلاد وقيل: دونك زولي نبأ له اهتز الحجاز وبابل * وربى الشآم وارض وادي النيل وأصاب أقصى حضرموت بفجعة * تركت بنيه برنة وعويل وصداه عم الهند من أطرافها * والمغرب الاقصى وكل قبيل بمحمد جل المصاب ولم يكن * رزء الجليل الفذ غير جليل أرض (الحديدة) (3) قد سعدت بنازل * لم تسمح الدنيا له بمثيل أين السنان العضب (4) إن جردته * يمضي مضاء الصارم المصقول اين المقال الفصل لا يبقى به * عند الجدال لقائل من قيل أين اليراع (5) إذا جرى كشفت به * شبهات كل مموه ضليل
---
(1) الذريعة 5: 13، أعيان الشيعة 9: 399. (2) الذريعة 1: 280، أعيان الشيعة 9: 399. (3) موضع باليمن. (4) السنان العضب: الرمح القاطع. (5) اليراع: القلم. (*)
--- [ 6 ]
صفحه ۵
كم قد نصرت الحق إذ لا ناصر * وأقمت أوضح حجة ودليل ورددت خصمك ناكصا متحيرا * بدلائل المعقول والمنقول وإذا بدا ليل الشكوك بدت به * أراؤك الغراء كالقنديل وإذا الفحول إلى لقاك تواثبت * تلفى فحول القوم غير فحول كم موقف لك في الجدال غدت به ال* أبطال بين مجدل وقتيل نظروا إليك وقد بهرت عقولهم * بنواظر عند التخاصم حول (1) كادوك فيما لفقوا من إفكهم * فتركت كيد القوم في تضليل وتركت ما قد لفقوه وموهوا * يذرى كعصف يابس مأكول ورميتهم بحجارة من قولك ال* - معروف لا بحجارة السجيل ونبا سلاح الحق في أيديهم * فتدرعوا بالسب والتنكيل وكذا سلاح العاجزين سبابهم * بئس السلاح لعاجز مخذول جرددت سيف الحق أبيض ماضيا * وسطوا بسيف للضلال كليل صالوا وصلت لدى الخصام فلم تدع * عند التخاصم صولة لصؤول لما تسابقتم سبقت وقصروا * وامتاز فاضلكم من المفضول وعمدت للبرهان يشرق وجهه * نورا وقد عمدوا إلى التدجيل إن (النصائح) منك (كافية) (2) غدت * بسماعها إن قوبلت بقبول أظهرت (بالعتب الجميل) (3) وما حوى * هفوات أهل الجرح والتعديل عاتبتهم عتبا جميلا للذي * ما كان فيه فعلهم بجميل ونهجت نهجا للهدى وأبنت عن * غرر له مشهورة وحجول ولقد ورثت من النبي محمد * خلقا كزهر الروضة المطلول
---
(1) الحول: الحذق وجودة النظر. (2) إشارة إلى كتاب المؤلف (النصائح الكافية). (3) إشارة إلى كتاب المؤلف (العتب الجميل). ونشرت بين الخلق علما زاهرا * ما كان بالمكذوب والمنحول فاذهب كما ذهب الغمام له الثنا * من كل حزن (1) في الثرى وسهول في كل جيل منك ذكر خالد * يرويه جيل غابر عن جيل يا قبره كم فيك غيب من ندى * غمر ومجد في التراب أثيل (2) يا قبره كم فيك غيب من شبا * عزم ورأي في الامور أصيل (3) محتوى الكتاب الكتاب الذي بين أيدينا هو دراسة وافية تحتوي على بحث شامل يكشف عن الجوانب الحقيقية لشخصية معاوية وما ينطوي فيها من ظلم وتعسف وعدوان، وتحتوي أيضا على بيان جلي لشخصية ورفعة وفضائل أهل بيت العصمة (ع). يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة مختصرة عن أهمية الكتاب، ويشرع الفصل الاول في إثبات جواز لعن معاوية من خلال الكتاب والسنة، بل وأثبت ذلك وجوبا، ويتطرق بعد ذلك إلى جرائم معاوية التي توجب بغضه وسبه. وعقد الفصل الثاني من الكتاب للرد على الشبهات الواردة في لعن معاوية واحدة واحدة، ويتعرض في هذا المجال إلى مسألة تعديل الصحابة، وأكذوبة كون معاوية (خال المؤمنين) و(كاتب الوحي). وأخيرا يستعرض المؤلف عقائد آبائه وأجداده في شأن معاوية. ثم في آخر الكتاب قصيدتان: واحدة في رثاء الامام علي (ع)، وأخرى في رثاء الامام الحسين (ع)، لابي بكر بن عبدالرحمن بن شهاب الدين العلوي الحسيني، وأرجوزة عن العلامة الحفظي. وقال في سبب إيرادهما: وإنما خصصتهما بالنقل لما فيهما من التصريح بالحق
---
(1) الحزن: ما ارتفع من الارض. (2) الاثيل: الاصيل. (3) انظر ترجمته في أعيان الشيعة 9: 400، الكنى والالقاب 2: 22 - 24 طبعة بيدار، العتب الجميل: 31 - 36. (*)
--- [ 7 ]
صفحه ۶
والانحاء على المداهنين المتملقين. وفيه أيضا كتاب المعتضد العباسي في الامر بسب معاوية، أخرجه عن تاريخ الطبري، فكتب بعض معاصريه من العامة ردا عليه فأجاب عنه. لقد تناول المؤلف كل ذلك بأسلوب تحقيقي علمي باهر بعيد كل البعد عن ميل الاهواء والعواطف وزيغ العصبية والتطرف. قال فيه العلامة الدكتور محمد إبراهيم آيتي: إذا أراد أحد الاطلاع جيدا على فترة حكومة معاوية، والاستغناء عن مئات الكتب والدفاتر، فليقرأ كتاب (النصائح الكافية لمن يتولى معاوية) من أوله إلى آخره، ثم يكون منصفا في الحكم والتقييم (1).
---
(1) دراسة تاريخ عاشوراء: 49 (*)
--- [ 8 ]
صفحه ۷
بسم الله الرحمن الرحيم تنبيه ربما يحمل الذهول أو الجهل بعض الناظرين من اول وهله على عدم الاهتمام بموضوع هذه الرسالة ويتخيل في ذهنه انه غني من دينه عنها فيعرض عن مطالعتها ويرغب عن الوقوف على فوائدها وحججها وبراهينها مع ان الامر ليس كما يتخيل فان الرسالة مشتملة على تحقيق عظيم في شطر من صريح الايمان لايتم ايمان المؤمن الا به فقد جاء في الآيات المتعددة والاحاديث الجمة. ان صريح الايمان وحقه هو الحب في الله والبغض في الله ومتى تلبس المؤمن بالحب في الله فقد احرز شطر الايمان ومتى ابغض في الله احرز الشطر الثاني لا يكمل ايمانه الا بهما معا ومن منته نفسه الغرارة ان ايمانه يكمل بالحب في الله فقط فليتهمها في ايمانه حيث خالفت في ذلك ما جاء به كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله افتؤمنون ببغض الكتاب وتكفرون ببعض لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوداون من حاد الله - الآية فليكن الانسان على بصيرة من نفسه ودينه والله الموافق والهادي. المؤلف
--- [ 9 ]
صفحه ۸
تقديم أنا لم أتعرف على الشريف العلامة السيد محمد بن عقيل (1) ولا التقيت معه في زمن من الازمان. ولقد التقيت به مرارا وتعرفت عليه، فرأيته ثمرة ناضجة من ثمار الثقافة العربية، تثقف في علوم الدين واللغة ثقافة محيطة شاملة. وشارك المصلحين في ايقاظ النهضة الفكرية الدينية وعمل مع العاملين في نصرة الحق والاتنصار لاهل البيت النبوي الطاهر عليهم السلام. وفي الحق انه فذ في مواهبه، موهوب فيما الف وكتب. * * *
---
(1) السيد محمد بن عقيل ركن من اركان النهضة الاصلاحية وعلم من أعلام الشريعة الاسلامية وقطب من اقطاب السادة العلوية عاش زهاء سبعين عاما قضى جلها في العلم والعمل والدعوة إلى الحق والجهر بالصدق مع ما حباه الله به من خلق زاهر وادب باهر وقلب طاهر. ولد في شعبان سنة 1279 هببلدة مسيلة آل شيخ بقرب تريم وتربى في حجر والدين كريمين هما من خيرة الاشراف وقد اعتنى والده رحمه الله في تعليمه فأحضر لهذه الغاية بعض علماء حضرموت فكانت آثار النجابة ساطعة البرهان في محيأه الوسيم وكان من صغره مجبولا على حب أهل البيت الطاهر وبغض أعدائهم كيف لا وهو يمت إليهم بالنسبين حتى قيل انه كان وهو في السابعة من سنيه ينظم الاراجيز في مدح الهاشميين ويتغنى بها مع الاولاد وكان جد ولوع في كتب التاريخ والتراجم لا يفوته منها شاردة ولا واردة ودرس النحو وأتقنه وقرأ كثيرأ من الكتب والفنون على والده وعمه ومن أحضراه له من المشائخ وكان والده يحرضه على الاستقلال في الفكر لذلك نشأ مستقة غير مقلد وساعده على بلوغ مرامه انه كان لاسلافه مكتبة حافلة في الكتب المخطوطة النفيسة وزادها حسنا ان الفقيد رتب لها حسب ذوقه فهرسا لطيفا وقد اعطاه بها بعض وجهاء مصر مبلغا كبيرا من المال فلم يشأ بيعها لكنها مع الاسف تشتت أكثرها (*).
--- [ 10 ]
صفحه ۹
وقد يوجد في الناس من ينكر علينا هذا التناقض !. فأني سجلت على نفسي اني لم اتعرف عليه ولا التقيت معه، ثم ادعيت اني عرفته والتقيت معه !. ولا شك بأن هذا الانكار انما يرجع في غالب الاحيان إلى ما تهيأ لهؤلاء من تفكير بسيط لا يتجاوز مد العين الباصرة، ويعجزون إذا حاولوا أن يطلقوا الفكر ويحلوا قيوده ويفتحوا له باب القفص لئلا يبقى الفكر يضطرب في أضيق مكان. يعجزون عن أن يصلوا بتفكيرهم إلى أكثرهما تقع عليه حاسة البصر فقط. انك لتمر في السوق والمراكز العمومية فيقع بصرك على العشرات لا بل على المئات وعشرات المئات فلا يلفت نظرك واحد منهم ولا تلفت انت نظر واحد
---
توفى والده وهو بن خمسة عشرة سنة ومع صفر سنه قام مقام والده أحسن قيام ثم رحل وهو في السابعة عشرة من سنيه إلى سنغافورا والبلاد الجاوية فأشتغل هناك بالتجارة وافلح وأول مؤلفاته كتاب النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ظهر بها فضله لدى المنصفين ثم الف كتبا كثيرة كلها من خيرة ما الف كالعتب الجميل على أهل الجرح والتعديل وغيره. وآخر كتاب له - وهو كتاب جليل جدا - كتاب ثمرات المطالعة يبلغ زهاء ثمانية الف صفحة وكان شرع في مصر بطبع الجزء الاول منه. ومن أجل اساتذته المرحوم المقدس السيد أبو بكر بن شهاب. وللفقيد رحلات كثيرة في سبيل الدين والعلم والتجارة ولم يكن المال لديه سوى اداة لقضاء الحاجة لذلك كان ينفق ما جمعه وهو غير قليل في سبيل البر والاحسان. حج ثلاث مرات وزار العراق وسورية ومصر خاصة عدة مرات كما زار الهند واليابان والصين وغيرها من الاقطار الشرقية وزار كثيرا من عواصم اوروبة لاسيما پاريس وحضر معرضها الكبير وخطب هناك واجتمع بكثير من المستشرقين وله معهم مساجلات ومحاورات لطيفة. وكان يكتب أحيانا في الصحف فكتب في المؤيد والمقطم والاهرام والعرفان ولما زار امام اليمن اكرم مثواه وحمله من الحديدة إلى صنعاء في طائرة وخصص له مكانا خاصا في جانب غرفته وابقاه في كنفه شهرين كاملين وقد توفى الفقيد سنة 1350 في المكلا باليمن وقد عطلت المحاكم في اليمن لوفاته وسارت العساكر في جنازته منكسة الاعلام. - عن مجلة العرفان - صيدا - (*)
--- [ 11 ]
صفحه ۱۰
منهم، ولكنك تذهب إلى الوراقين - باعة الكتب - والمكاتب العامة فتجلس إلى العلماء من فلاسفة وفقهاء ومتصوفه وحكماء ووعاظ وادباء وساسه وشعراء فتجادلهم وتناظرهم وتفلجهم بالحجة حينا ويفلجونك، انت صامت وهم صامتون أنت متكلم وهم متكلمون، وفي ظل هذا النقاش الصامت تتعرف عليهم وتلتقي بهم فتكون منهم على اوثق ما يكون من الصلاة. وليست الصلة بالاجسام مما تستريح إليها جميع الاذواق وتلتذ بها جميع النفوس، ولكن صلة النفس بالنفس هي التي تتنعم بها النفوس وتلتذ بها العقول بما تفيض عليهما من الوان المعاني من كل بديع وكل دقيق. * * * أنا لم اشاهد السيد محمد بن عقيل ولم اتعرف عليه بالمشاهدة ولكن في المكتبة تعرفت عليه واجتمعت مع هذا الرجل، الكبير في ادبه، الواسع في اطلاعه، الصريح في أنصافه. في المكتبة عرفته وساجلته في الحديث، وفي المكتبة يتعرف عليه كل من لا يعرفه ويريد ان يتعرف عليه وفي المكتبة يستطيع القارئ ان يتعرف على العلماء، والفلاسفة والحكماء، والادباء والشعراء، والمؤرخين والمحدثين، بل يجتمع مع الانبياء والمرسلين، وان كانوا جميعا قد غيبتهم الارض وأكلت لحومهم ونخرت عظامهم. وأنا أيضا التقي معك يا قارئي هنا وان كانت أنا في شرق الارض وانت في غربها. وبعد - فلا اظن ان أحدا يجادلني إذا ما قلت اني التقيت مع الشريف محمد بن عقيل ولم أره، وتعرفت عليه ولم اشاهده، لان الكتاب عنوان مؤلفه ويعطي صورة عنه تسير مع الاجيال مادام الكتاب موجودا يقرأ ويتعرف عليه كل من يقرأ كتابه، ولا أريد الكليه المنطقية المسورة بكل ولكنه في الكثير الغالب وانما اقيده بالغالب لان في طبقات القارئين من لا يأخذ
--- [ 12 ]
صفحه ۱۱
صورة عن المؤلفين عند قراءة كتبهم وانما يخرج من الكتاب كما دخل وكلما فعله انه اجتاز قطعة من الزمن لاهيا عن آلامها لا اكثر ولا أقل. * * * ولسنا نريد في هذه الكلمة القصيرة ان نقدم المؤلف إلى جمهرة القراء وانما كتابه هذا ومؤلفاته الاخرى (1) هي التي تقدمه علامة بحاثة. وكذلك لا نريد ان نقدم إلى القراء كتابه - النصائح الكافية لمن يتولى معاوية - فان الكتاب يقدم نفسه بنفسه دون ان يحتاج إلى أحد يقدمه. وكذلك لا نجد متسعا لتقديم الكتاب والمؤلف، لان الكتاب اشتمل على صفحة علمية أنيقة جميلة والمؤلف بلغ أقصى ما أراد في الجهة التي اختار الكتابة فيها فلم يبق مجال للنقد، ولا ثمة نقص يحتاج إلى التعليق، وكل من المؤلف والكتاب غني عن الثناء والمدح والجزاء موكول إلى الله عزوجل. ويقف الباحث في هذا الكتاب وفي سائر مؤلفاته التي رأيناها على أراء سديدة محكمة في نقد الحوادث لم تعرف لغيره من قبله، وعلى ما يبدو لنا ان المؤلف وقف امام الميزان - في كل تأليفه - مجردا عن كل شئ الاكتاب الله المجيد وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم المطهرة. واذن كل ما أريده الآن ان اتحدث إلى القارئ ببضعة سطور عن انصاف هذا المؤلف في خلعه الثوب الذي لبسه غيره ممن تقدم عليه فأحترم كل من شاهد النبي وصاحبه حتى لو كان معاوية وأباه ومروان واباه وبسر ابن ارطاة وعمران بن حطان واضراب هؤلاء. يعرف المتصلون بعلمي الرجال والجرح والتعديل ان صراعا عنيفا بين * * *
---
(1) رأينا منها كتاب تقوية الايمان وكتاب العتب الجميل في الجرح والتعديل وفصل الحاكم في النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم. (*)
--- [ 13 ]
صفحه ۱۲
الطائفتين الكبيرتين من المسلمين اهل السنة والشيعة حول اصحاب النبي صلى الله عليه وآله واستطاعت العقيدة والسياسة أن يلعبا دورا مهما في هذا النزاع الحاد بين الطائفتين وأستمر النزاع يشق طريقه بين الحديد والنار إلى الاجيال يستمد قوته من العقيدة لاغيا كل اعتبار من الاعتبارات الاخرى وحال دون التعاون بين المسلمين وتأخر الاسلام بسبب هذا الصراع حتى اوشك النزاع ان يقضي عليه. أجل، انقسم المسلمون إلى قسمين: قسم البس صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثوبا من القداسة الغير المحدودة بحد ولا يمكن ان تتناولها يد، ولا يمكن للعقول ان تحوم حولها في لحظة من اللحظات ولا في حال من الاحوال وهؤلاء اعتبروا ان الصحبة لا يمكن ان تنتج الا ما يصح ان يكون، وهي وحدها كافية لتبديل آثار البيئة والوراثة وهي قادرة على تحول النفوس الشريرة إلى نفوس صالحة فحكموا على جميعهم بالطهر والقداسة !. وقسم من المسلمين لم يعتبر الصحبة الا شرفا يغبط عليه الصحابي فقط واما القداسة والطهر فأمران خارجان عن الصحبة ومرجعهما واقع الامر في كل صحابي فمن عمل منهم صالحا واتقى الله سبحانه حق تقاته وعمل بأوامر الله ورسوله ولم يقترف اثما من قتل وظلم واعتداء فذلك هو الصحابي الواجب علينا تقديسه واكباره واما من أقترف شيئا من اثم فليست الصحبة حارسة له وهو كغيره من المسلمين الذين يلقون آثاما. وعند هذا القسم من المسلمين الصحبة وتقوى الله يتعاونان على قداسة الصحابي وطهره. واذن لابد لهذا القسم ان يأخذ الغربال فيغربل ويأخذ مبضعة الطبيب فيشرح. وهكذا فعل هذا القسم، غربل بأنصاف ما وسعه ان يغربل ولم يبال بصيحات المرجفين. وليس من موضوعنا ان نتحدث هنا
--- [ 14 ]
صفحه ۱۳
عن مصاير هذه الغربلة فقد استطاعوا ان يذودوا عن آرائهم ببراهين قاطعة. والمؤلف لم يسلك سبيل قومه فلم يخلع على سائر، الصحابة ثوب القدس والطهارة واستطاع ان ينزع ذلك الكابوس عن عقله فأشفق على صحب النبي صلى الله عليه وآله عن ان يدنسهم فيدس فيهم من يلوث شرف الصحبة. فأستمع إليه يقول: " والصحابة الذين يصدق عليهم التعريف المخترع الحادث وتحوي المعاجم اسماء كثير منهم قسمان: قسم اخلص في الايمان واحسن الصحبة ووفي بالحق فهو محمود ممدوح أهل للثناء والتعظيم والاحترام من كل مسلم. " وقسم نافق واساء الصحبة وخان وغدر وهو مذموم عند كل مصنف. " لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة. أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض " الآية واسمعه أيضا يقول: " ان صحبة النبي صلى الله عليه وآله شرف عظيم. ومرتبة سامية، ومنزلة عالية، واصحابه صلى الله عليه وآله متفاوتون في فضلها وشرفها بقدر ما احسنوا فيها. وإذا عصي أحد منهم وحاد الله ورسوله وارتكب الكبائر وأصر على معصيته فقد ترك ما اوجب له المحبة من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ ليس عند رسول الله صلى الله عليه وآله محاباة ولا مداهنة في عداوة من الله وعصاه. ومن الغباوة ان لم تقل من العناد اهدار كل كبيرة وموبقة بدعوى حرمة الصحبة. لاشك ان للصحبة حرمة عظيمة وشأنا فخما. ولكن مقيد بما قدمنا. " تحس وانت تقرأ هذا ان المؤلف يرى ان الصحبة لا تمتد الا إلى أفراد مخصوصين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، وان أثر الصحبة وشرفها لا يكون بارزا الا في الرجال الذين أخلصوا في ايمانهم واحسنوا ووفوا بما عاهدوا الله وهم قليلون اولئك هم الذين فازوا بالقدس
--- [ 15 ]
صفحه ۱۴
والطهر واولئك هم الاصحاب حقا وفازوا بشرف الصحبة رضي الله عنهم ورضوا عنه. وكم كنت اود لو ان المؤلف توسع في حديثه واتسع غرباله لجميع الصحابة وهذا الذي نأخذه على المؤلف فقد تساهل هنا وكان حق له ان لا يتساهل وكل حق له ان يعمل على تنقية الصحابة ولكن اظن ان قلمه لم يكن ليقوى على تحمل هذه المسئولية العظمى، ولعل في الغربلة التامة ما يحرجه ولكن. ولكن الحقيقة لا تعرف المراعاة. وليس بأمكان هذا التقديم ان يتسع للكلام في هذا الموضوع المتباعد الاطراف فأنه يحتاج إلى عشرات المئات من الصحائف. ومهما يكن من شئ فان الكتاب أستوفى موضوعه حق الاستيفاء. ولا ينافيه ان أخذنا عليه انه لم يعط المسألة حقها من جميع نواحيها ليكون الكتاب عاما شاملا والمصنف منفرد عن قومه بطريقه منصف في ما أراد ان يكتب فيه ما شاء له الانصاف عادل ما شاء له العدل ولا نفهم انصافه وعدله الا إذا درسنا معه المقياس الذي اتخذه وسيلة للوصول إلى الحق في بحثه وإذا أعرض المعرضون عن هذا المقياس وأبوالا أن تكون الصحبة وحدها هي المقياس فقد ضاعت الحقيقة. وأختم كلمتي هذه راجعا إلى ما ذكرته آنفا فأقول لو ان المؤلف سار مع المقاييس والمعايير التي سار عليها في مؤلفه هذا مع جميع الصحابة ليكون بحثه اتم واشمل ولكن له عذره عندنا فلعله لم يردان يعرض في كتابه نقدا له تفاصيله وله افاته فأذن لابد له ان يقف عند هذه النقطة الحساسة فقط. وأحسب اننا بعد التسليم له بهذا لسنا في حاجة إلى ان نناقشه فيما لم يرده أو أراده ولكن لم تسمح له به ظروفه والبيئة التي يعيش فيها.
--- [ 17 ]
صفحه ۱۵
لعن معاوية من الاثم أم لا
--- [ 19 ]
صفحه ۱۷
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الراشدين وتابعيهم بأحسان إلى يوم الدين. أما بعد فاني قد اطلعت على سؤال صورته: سيدي قال لي أحد العلماء ان من يلعن معاوية أقل خطرا ممن يترضى عنه فهل هو مصيب في ذلك أم مخطئ افيدونا ؟ وقد أجابه أحد العلماء بأنه مخطئ بلاشبهة وأطال في جوابه من الاستدلال والنقل بما لا تقوم به الحجة (وحيث) اني أرى الحق مع العالم الاول وأرى ان هذا المجيب قد استعجل في أمر كان له فيه أناة لم يسعني الا أن اكتب هنا ما علمته وتحققته في هذه المسألة هربا من الوعيد الوارد في قول الله تعالى ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون الا الذين تابو وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وانا التواب الرحيم وفي قوله عزو جل ان الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا اولئك ما يأكلون في بطونهم الا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم وفي قوله جل وعلا واذ أخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه وفي قول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام من كتم عملا عن أهله الجم يوم القيمة لجاما من نار إلى غير ذلك. وأرجو ان يعيد ذلك المجيب الفاضل النظر فيما قاله إذ لاريب في ان
--- [ 20 ]
صفحه ۱۹
الحق ضالته وضالتي وقد استحسنت أن آتي على المسألة بحذافيرها وابين أدلتها وما يتفرع عنها في هذه العجالة وسيأتي في مطاوى فصولها ما هو كالجواب على ادلة ذلك العالم الفاضل. وها أنا شارع بعون الله في تحليل المسألة المسؤول عنها وتقرير حكمها تقريرا واضحا يهتدي به ان شاء الله من أطرح التعصب الذميم جانبا ويستبصر به من كان في معرفة الحق راغبا ويجد به المنصف ضالته المنشودة ويظفر منه الطالب بطلبته المفقودة فأقول اعلم وفقني الله واياك ان الخطر هو الاشرفا على الهلاك وهو هنا الاثم الموجب للعقاب واللعن هو الطرد والابعاد ولعنه الله طرده وابعده والدعاء به على المسلم ممنوع الا من اتصف بصفة استحق بها ذلك وسنورد فيما بعد كثيرا منها جاء به الكتاب والسنة. فينبغي لنا الآن ان نعرف ان لعن معاوية هل هو من الاثم الذي يحصل بار اتكابه الخطر على اللاعن كما ذكر في السؤال ام لا ؟ وان الترضى عن معاوية وتسويده المستعملين شعارا للتعظيم كما يترضى عن الشيخين وغيرهما من الاكابر عند ذكره موجب للاثم المحصل للخطر ام لا وليس لنا ان نحكم في شئ منهما الا بدليل لان الحكم بغير دليل تحكم في دين الله والعياذ بالله تعالى قال الله تعالى ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ولا دليل الا فيما جاء عن الله على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كتاب أو سنة أو اجماع صحيح مستند إلى الكتاب أو السنة أو قياس صحيح مستنبط من أحدهما وكل دليل لا يرجع إلى ما تقدم فمردود لا يعتد به مضروب به في وجه صاحبه كائنا من كان. وإذا استقرينا ادلة جواز لعن معاوية الآتية من الكتاب والسنة مع ما يتعلق بها ويفسرها من فعل اكابر الصحابة وأهل البيت الطاهر وجدناها اقوى بكثير من ادلة جواز تعظيمه بالترضى عنه وتسويده كما تسود الاكابر
--- [ 21 ]
صفحه ۲۰
ويترضى عنهم بل لا ادلة على جواز تعظيمه والترضى عنه في الحقيقة وانما هي تمحلات وتأويلات ستعرفها مما يأتي ومنها يعلم ان الاشراف على الهلاك يلعن معاوية اقل منه بالترضى عنه وتسويده بل لاخطر في لعنه اصلا واليك التفصيل -. المسلمون في معاوية ثلاث فرق فنقول: المسلمون في كبير الفئة الباغية ورئيس النواضب معاوية ثلاث فرق: (فرقة) حكموا بفسقه واوجبوا بغضه في الله واجازوا لعنه ومنعوا من تسويده والترضى ى عنه تعظيما له واجلالا وهم أهل الحق والهدى ورئيسهم الاكبر يعسوب الدين وامير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده. (وفرقة) ثانية آنست من الحق جانبا وادركت من شعاع الحقيقة وميضا وعرفت معاوية وفظاعة شأنه وعظيم طغيانه وفاحش عصيانه ولكن قامت لديهم شبه زخرفها متقدموهم ونمقها سابقوهم فأحجموا بسببها عن تفسيقه واعلان بغضه ولم يجيزوا لانفسهم ما اجازته الفرقة الاولى زاعمين ان السلامة في المسألة والنجاة في الاحتياط وجمدوا على ذلك وقعدوا عن الاجتهاد والبحث في احقاق الحق وابطال الباطل وهذه الفرقة المرجو لها ان شاء الله الرجوع إلى الصواب والتنكب عن مسالك الخطأ إذا انقشع بالبحث غبار الشبه التي قامت لديهم وأزيح ستار التمويه الملتبس عليهم لاسيما إذا استحضروا قول الله تبارك وتعالى ن" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليا ". (وفرقة) ثالثة اطروه بما ليس فيه والبسوه غير لباسه ووضعوا الاحاديث
--- [ 22 ]
صفحه ۲۱